178

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Editorial

عالم الكتب

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Sufismo
لَا يُصْلِحُ هَذَا الْأَمْرَ إلَّا شِدَّةٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، وَلِينٌ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يُقِمْ أَمْرَ النَّاسِ إلَّا امْرُؤٌ حَصِيفُ الْعُقْدَةِ، بَعِيد الْغَوْرِ، لَا يَطَّلِعُ النَّاسُ مِنْهُ عَلَى عَوْرَةٍ. وَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا لَا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ فِي النَّاسِ إلَّا رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِهِ كَلِمَةً يَخَافُ اللَّهَ فِي النَّاسِ وَلَا يَخَافُ النَّاسَ فِي اللَّهِ.
وَلِعَلَيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَوَّل كِتَابٍ كَتَبَهُ: أَمَّا بَعْد فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا الْحَقَّ حَتَّى اُشْتُرِيَ، وَبَسَطُوا الْجَوْرَ حَتَّى اُفْتُدِيَ.
وَقَالَ مَجَاعَةُ بْنُ مَرَارَةَ الْحَنَفِيُّ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: إذَا كَانَ الرَّأْيُ عِنْد مَنْ لَا يُقْبَل مِنْهُ وَالسِّلَاح عِنْد مَنْ لَا يَسْتَعْمِلُهُ وَالْمَال عِنْد مَنْ لَا يُنْفِقهُ ضَاعَتْ الْأُمُور.
وَقَالَ عَلِيٌّ الْمُلْك وَالدِّين أَخَوَانِ لَا غِنًى لِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَر فَالدِّينُ أُسٌّ وَالْمُلْك حَارِسٌ فَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُسٌّ فَمَهْدُوم وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ فَضَائِعٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مِنْ الْمُلُوك مَنْ إذَا مُلِّكَ زَهَّدَهُ اللَّه ﷿ فِيمَا فِي يَدَيْهِ، وَرَغَّبَهُ فِيمَا فِي يَد غَيْره، وَأَشْرَبَ قَلْبَهُ الْإِشْفَاقَ عَلَى مَنْ عِنْده، فَهُوَ يُحْسَد عَلَى الْقَلِيل وَيَتَسَخَّط الْكَثِير وَمِنْ كَلَام الْفُرْسِ: لَا مُلْكَ إلَّا بِرِجَالٍ، وَلَا رِجَالَ إلَّا بِمَالٍ، وَلَا مَالَ إلَّا بِعِمَارَةِ، وَلَا عِمَارَةَ إلَّا بِعَدْلٍ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا الْمَلِك الَّذِي يَأْخُذ أَمْوَالَ رَعِيَّتِهِ وَيُجْحِفَ بِهِمْ مِثْل مَنْ يَأْخُذُ الطِّينَ مِنْ أُصُولِ حِيطَانِهِ فَيُطَيِّن بِهِ سُطُوحه فَيُوشِكُ أَنْ تَقَع عَلَيْهِ السُّطُوح.
وَمِنْ كَلَام أَرِسْطُوطَالِيس الْعَالَم بُسْتَانٌ سِيَاجُهُ الدَّوْلَة، الدَّوْلَة سُلْطَان تَحْيَا بِهِ السُّنَّة، السُّنَّة سِيَاسَةٌ، السِّيَاسَة يَسُوسُهَا الْمَلِكُ، وَالْمَلِك رَاعٍ يَعْضُدْهُ الْجَيْشُ، الْجَيْشُ أَعْوَانٌ يُكَلِّفهُمْ الْمَال، الْمَالُ رِزْقٌ تَجْمَعهُ الرَّعِيَّة، الرَّعِيَّةُ عَبِيدٌ يَتَعَبَّدهُمْ الْعَدْل، الْعَدْلُ مَأْلُوفٌ وَهُوَ صَلَاح الْعَالَم.
كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إلَى الْحَجَّاجِ أَنْ صِفْ لِي الْفِتْنَة حَتَّى كَأَنِّي أَرَاهَا رَأْيَ الْعَيْن فَكَتَبَ لَهُ لَوْ كُنْتُ شَاعِرًا لَوَصَفْتُهَا لَكَ فِي شِعْرِي وَلَكِنِّي

1 / 179