Adab Sharciyya
الآداب الشرعية والمنح المرعية
Editorial
عالم الكتب
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Sufismo
وَهَذَا غَلَطٌ فِي مَعْنَى الْآيَةِ خَالَفُوا بِهِ تَفْسِيرَ إجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَمَدْلُولَهَا وَالْمُعْتَزِلَةُ أَيْضًا غَلِطُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١] .
الْمُرَادُ بِهِ الْمَغْفِرَةُ وَلَا بُدَّ، وَهَذَا قَدْ يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ تَفْسِيرِ الْكَبَائِرِ بِالشِّرْكِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَجَعَلَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْمَغْفِرَةَ فِي: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]
وَالْآيَةُ مَشْرُوطَةٌ بِالتَّوْبَةِ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً بِالتَّوْبَةِ لَمْ تُخَصَّ بِمَا دُونَ الشِّرْكِ وَلَمْ تُعَلَّقْ بِالْمَشِيئَةِ بَلْ قَوْلُهُ ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ الْمَغْفِرَةُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا الْحَسَنَاتُ وَمِنْهَا الْمَصَائِبُ الْمُكَفِّرَةُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ تَجْتَنِبُوا الْآيَةَ، فَفِيهِ الْوَعْدُ بِالتَّكْفِيرِ، وَالتَّكْفِيرُ يَكُونُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ تَارَةً وَبِالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ تَارَةً، فَمَنْ كُفِّرَتْ سَيِّئَاتُهُ بِنَفْسِ الْعَمَلِ كَانَ مِنْ بَابِ الْمُوَازَنَةِ وَهَذَا تَنْقُصُ دَرَجَتُهُ عَمَّنْ سَلِمَ مِنْ تِلْكَ الذُّنُوبِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَنْ كُفِّرَتْ بِالْمَصَائِبِ وَالْحُدُودِ وَعُقُوبَاتِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ تَسْلَمُ لَهُ حَسَنَاتُهُ فَلَا تُنْتَقَصُ دَرَجَتُهُ بَلْ تَرْتَفِعُ دَرَجَاتُهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ فَيَكُونُونَ أَرْفَعَ مِمَّا لَوْ عُوقِبُوا وَأَصْحَابُ الْعَافِيَةِ يَكُونُونَ أَدْنَى.
وَقَوْلُهُ ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣] عَامٌّ وَسُقُوطُ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تُقَابِلُهَا مِنْ الْجَزَاءِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [الزلزلة: ٧] الْآيَةَ ثُمَّ إمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّوْبَةِ أَوْ يُقَالَ التَّوْبَةُ فِيهَا شِدَّةٌ عَلَى
1 / 130