لأن الأنسة روح للقلوب ، وأن الوحشة روع عليها . ولا يلتاط بالقلوب إلا ما لان عليها . ومن استقبل الأنس بالوحشة استقبل أمرا ذا مؤونة .
فإذا كلفتك نفسك السمو إلى منزلة من وصفت لك ، فاقدعها عن ذلك بمعرفة فضل الأليف والأنيس ، وإذا حدثتك نفسك أو غيرك ، ممن لعله أن يكون عنده فضل في مروءة ، أنك أولى بالمنزلة عند السلطان من بعض دخلائه وثقاته فاذكر الذي على السلطان من حق أليفه وثقته وأنيسه في التكرمة والمكانة والرأي ، والذي يعينه على ذلك من الرأي أنه يجد عنده من الإلف والأنس ما ليس واجدا عند غيره .
فليكن هذا مما تحفظ فيه على نفسك وتعرف فيه عذر السلطان ورأيه .
والرأي لنفسك مثل ذلك ، إن أرادك مريد على الدخول دون أليفك وأنيسك وموضع ثقتك وسرك وجدك وهزلك .
Página 61