وقيل: جلس يوما، فأتته امرأة لم تر الناس مثلها، فقالت: يا أبا سعيد! أيجوز للرجل أن يتزوج من النساء أربعا؟ قال: نعم، فقالت: فهل يجوز مثل ذلك للنساء؟ قال: لا، قالت: فلم؟ قال: لأن الله -عز وجل- أحل ذلك للرجال، وحرمه على النساء، فقالت: بعيشك يا أبا سعيد! لا تفت بذلك أزواج النساء، ثم انصرفت، وأتبعها الحسن بصره، وقال: ما على من ملك هذه ألا يرى غيرها. قيل: وما رئي الحسن قبلها ولا بعدها مال إلى شيء من الدنيا ولا عرج عليه.
وقيل: كان لرجل من الصالحين عند رجل وديعة، فمات المودع فجأة، فسأل صاحبها عنها، فقال ورثة الميت: ما نعلم لها موضعا، فجاء الرجل إلى الحسن فأخبره، فقال له: ائت زمزم فتوضأ وصل مخلصا، ثم ادع باسم صاحبك الذي أودعته، فإن أجابك، فسله عن أمانتك التي أودعته، ففعل، ولم يجبه أحد، فأتى الحسن فأخبره، فقال له: ائت اليمن فقف عند وادي برهوت، وادع صاحبك باسمه، فإذا أجابك فسله، فأتى اليمن، وفعل ما أمره الحسن به، فأجابه الرجل، فسأله عن أمانته، فعرفه مكانها، ثم قال السائل: يا أخي ! ألم تك رجلا صالحا، فما الذي دهاك حتى ألقيت حيث أنت؟ فقال: كنت قاطعا للرحم، نعوذ بالله من سوء القضاء.
وكان الحسن يقول: جهد البلاء أربعة: كثرة العيال، وقلة المال، وجار السوء في دار المقام، وزوجة تجور.
وكان يقول: أعز الأشياء: درهم حلال، وأخ في الله إن شاورته في دنياك وجدته متين الرأي، وإن شاورته في دينك وجدته بصيرا به.
Página 51