روى سلمة بن عامر، قال: صلينا الجمعة مع الحسن، فلما انصرفنا، اكتنفنا حوله، فبكى بكاء شديدا، فقلنا: ما بالك -رحمك الله- وقد بشرت بالجنة في منامك ؟ فازداد بكاؤه، قال: وكيف لا أبكي، ولو دخل علينا من باب هذا المسجد أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرف غير قبلتنا هذه! ثم قال: هيهات هيهات! أهلك الناس الأماني، قول بلا عمل، ومعرفة بغير صبر، وإيمان بلا يقين، ما لي أرى رجالا ولا عقولا، وأسمع حسيسا ولا أرى رحالا ولا أنيسا؟! دخل القوم -والله- ثم خرجوا، وعرفوا ثم أنكروا، وحرموا ثم استحلوا. إنما دين أحدكم لعقة على لسانه، إذا سئل: أمؤمن أنت بيوم الحساب؟ قال: نعم! كذب ومالك يوم الدين.
إن من أخلاق المؤمن قوة قي دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وعلما في حلم، وحلما في علم، وكيسا في رفق، وتجملا في فاقة، وقصدا في غنى، وشفقة في نفقة، ورحمة للمجهود، وعطاء للحقوق، وإنصافا في استقامة، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم في مساعدة من يحب، ولا يهمز، ولا يغمز، ولا يلمز، ولا يلغو، ولا يلهو، ولا يلعب، ولا يمشي بالنميمة، ولا يتبع ما ليس له، ولا يجحد الحق الذي عليه، ولا يتجاوز في القدر، ولا يشمت بالقبيحة إن حلت بغيره، ولا يسر بالمصيبة إذا نزلت بسواه.
المؤمن: في الصلاة خاشع، وإلى الزكاة مسارع، قوله شفاء، وصبره تقى، وسكوته فكرة، ونظره عبرة، يخالط العلماء ليعلم، ويسكت بينهم ليسلم، ويتكلم ليغنم، إن أحسن استبشر، وإن أساء استغفر، وإن عتب يستعتب، وإن سفه عليه حلم، وإن ظلم صبر، وإن جير عليه عدل، لا يتعوذ بغير الله، ولا يستعين إلا بالله، وقور في الملأ، شكور في الخلاء، قانع بالرزق، حامد على الرخاء، صابر على البلاء، لا يجمح به القنوط، ولا يغلبه الشح، إن جلس مع اللاغطين كتب من الذاكرين، وإن جلس مع الذاكرين، كتب من المستهترين.
المؤمن: طلق البشر، حسن الخلق، كريم بذول، راحم وصول، يقطع فيصل، ويؤذى فيحتمل، ويهان فيكرم، صبور على الأذى، محتمل لأنواع البلاء، هانت عليه الدنيا فلم يبن فيها بيتا، ولا جدد ثوبا، حسن الثقة، لا يظن بالله ظن السوء.
Página 135