Adab al-Hewar min Khilal Seerah Musab ibn Umair
آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
Editorial
دار الأوراق الثقافية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٥ هـ
Géneros
الهادئة، وتعبيرات الوجه الطلقة، فالتزم مصعب بن عمير ﵁ الأدب في السؤال مع أسيد بن حضير ﵁، رغم الذي لاقاه من شتم وتهديد، فاختار له من ألطف الأسئلة إذ قال له: " أوَ تجلسُ فتسمعُ؟ " (١)، فكان أدبًا لطيفًا يطلب منه الجلوس ليسمعه ما يريد، فلم يتمالك أسيد ﵁ أمام هذا الأدب الجم إلا أن استجاب له وجلس ليستمع لما يقوله، مما يبين أهمية هذا الأدب وضرورة الالتزام به في أثناء الحوار.
خامسًا: الإعراض اللفظي:
إن الإعراض قد يكون بالجسد أو بالعين أو بالوجه أو باللفظ، ويستعمل المحاور هذا الأدب، حين لا يُجدي الحوار، ولا يُغني العتاب، ويكون ذلك عند كثرة أخطاء الخصم وإصراره، أو ارتكابه خطأً فادحًا قد يتضرر به المحاور.
ومصعب بن عمير ﵁ أعرض عن أخيه أبي عزيز، وذلك مقابل تأييده ووقوفه مع أمه عليه، فعندما وقعت غزوة بدر وانتصر المسلمون، وكان من بين الأسرى " أبو عزيز بن عمير، أسره أبو اليسر، ثم اُقْتُرِعَ عليه فصار لمُحرِزِ بن نضلة، وأبو عزيز أخو مصعب بن عمير لأمه وأبيه. فقال مصعب لمُحْرِزٍ: اُشدُدْ يديك به، فإن له أُمّا بمكة كثيرة المال. فقال له أبو عزيز: هذه وصاتُك بي يا أخي؟ فقال مصعب: إنه أخي دونك! فبَعَثَتْ أُمّهُ فيه بأربعةِ آلافٍ، وذلك بعد أن سألت أغلى ما تُفَادِي به قريش، فقيل لها أربعةُ آلافٍ" (٢)، فكان أبو عزيز يكلم أخاه مصعبًا ﵁ فلا يجيبه، فيعرض عنه مصعب بن عمير ﵁ لفظًا ويجعل كلامه إلى محرزٍ ﵁، وما ذاك إلا من شنيع ما لاقاه مصعبٌ ﵁ منه، ولما يعرف من عداوة أخيه له.
_________
(١) ابن هشام: السيرة النبوية، ١/ ٤٣٥.
(٢) الواقدي: المغازي، ١/ ١٤٤.
1 / 21