180

Adab Dunya Wa Din

أدب الدنيا والدين

Editorial

دار مكتبة الحياة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1407 AH

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Sufismo
مَنْ كَانَ مَفْقُودَ الْحَيَاءِ فَوَجْهُهُ ... مِنْ غَيْرِ بَوَّابٍ لَهُ بَوَّابُ
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَلْقَى بِالْبِشْرِ وَالتَّرْحِيبِ، وَيُقَابِلَ بِالطَّلَاقَةِ وَالتَّقْرِيبِ، لِيَكُونَ مَشْكُورًا إنْ أَعْطَى وَمَعْذُورًا إنْ مَنَعَ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إلْقِ صَاحِبَ الْحَاجَةِ بِالْبِشْرِ فَإِنْ عَدَمْتَ شُكْرَهُ لَمْ تَعْدَمْ عُذْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ لَنْكَكَ: إنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ دُرَيْدٍ قَصَدَ بَعْضَ الْوُزَرَاءِ فِي حَاجَةٍ فَلَمْ يَقْضِهَا لَهُ وَظَهَرَ لَهُ مِنْهُ ضَجَرٌ، فَقَالَ:
لَا تَدْخُلَنَّك ضَجْرَةٌ مِنْ سَائِلٍ ... فَلِخَيْرِ دَهْرِك أَنْ تُرَى مَسْئُولَا
لَا تَجْبَهَنَّ بِالرَّدِّ وَجْهَ مُؤَمِّلٍ ... فَبَقَاءُ عِزِّك أَنْ تُرَى مَأْمُولَا
تَلْقَى الْكَرِيمَ فَتَسْتَدِلُّ بِبِشْرِهِ ... وَتَرَى الْعُبُوسَ عَلَى اللَّئِيمِ دَلِيلَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّك عَنْ قَلِيلٍ صَائِرٌ ... خَبَرًا فَكُنْ خَبَرًا يَرُوقُ جَمِيلَا
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: تَصْدِيقُ الْأَمَلِ وَتَحْقِيقُ الظَّنِّ بِهِ ثُمَّ اعْتِبَارُ حَالِهِ وَحَالِ سَائِلِهِ فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ أَرْبَعِ أَحْوَالٍ: فَالْحَالُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مُسْتَوْجِبًا وَالْمَسْئُولُ مُتَمَكِّنًا. فَالْإِجَابَةُ هَهُنَا تَسْتَحِقُّ كَرْمًا وَتَسْتَلْزِمُ مُرُوءَةً وَلَيْسَ لِلرَّدِّ سَبِيلٌ إلَّا لِمَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْبُخْلُ، وَهَانَ عَلَيْهِ الذَّمُّ، فَيَكُونُ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
إنِّي رَأَيْت مِنْ الْمَكَارِمِ حَسْبُكُمْ ... أَنْ تَلْبَسُوا خَزَّ الثِّيَابِ وَتَشْبَعُوا
فَإِذَا تَذَكَّرْتُ الْمَكَارِمَ مَرَّةً ... فِي مَجْلِسٍ أَنْتُمْ بِهِ فَتَقَنَّعُوا
فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِمَّنْ حَرَّمَ ثَرْوَةَ مَالِهِ، وَمَنَعَ حُسْنَ حَالِهِ، أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْدَعًا فِي صَنِيعٍ مَشْكُورٍ، وَبِرٍّ مَذْخُورٍ.
وَقَدْ قِيلَ لِبَخِيلٍ: لِمَ حَبَسْتَ مَالَك؟ قَالَ: لِلنَّوَائِبِ. فَقِيلَ لَهُ: قَدْ نَزَلَتْ بِك. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
مَا لَك مِنْ مَالِكِ إلَّا الَّذِي ... قَدَّمْت فَابْذُلْ طَائِعًا مَالِكَا
تَقُولُ أَعْمَالِي وَلَوْ فَتَّشُوا ... رَأَيْت أَعْمَالَك أَعْمَى لَكَا
وَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ، وَرَفَعَ أَسْبَابَ شُكْرِهِ، فَصَارَ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ، مَذْمُومًا كَمَشْكُورٍ، وَمَأْثُومًا كَمَأْجُورٍ.
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:

1 / 195