Adab Dunya Wa Din
أدب الدنيا والدين
Editorial
دار مكتبة الحياة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1407 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Sufismo
وَإِخَاؤُهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى حَالَةٍ، وَلَا يَخْلُو مِنْ اسْتِحَالَةٍ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:
إذَا أَنْتَ عَاتَبْت الْمَلُولَ فَإِنَّمَا ... تَخُطُّ عَلَى صُحُفٍ مِنْ الْمَاءِ أَحَرُفَا
وَهَبْهُ ارْعَوى بَعْدَ الْعِتَابِ أَلَمْ تَكُنْ ... مَوَدَّتُهُ طَبْعًا فَصَارَتْ تَكَلُّفَا
وَهُمْ نَوْعَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مَلَلُهُ اسْتِرَاحَةً، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ إخَائِهِ، فَهَذَا أَسْلَمُ الْمَلَلَيْنِ وَأَقْرَبُ الرَّجُلَيْنِ يُسَامِحُ فِي وَقْتِ اسْتَرَاحَتْهُ وَحِينَ فَتْرَتِهِ، لِيَرْجِعَ إلَى الْحُسْنَى وَيَئُوبَ إلَى الْإِخَاءِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَثَلُ بِمَا نَظَمَهُ الشَّاعِرُ حَيْثُ قَالَ:
وَقَالُوا يَعُودُ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ بَعْدَ مَا ... عَفَتْ مِنْهُ آثَارٌ وَجَفَّتْ مَشَارِعُهْ
فَقُلْت إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْمَاءُ عَائِدًا ... وَيُعْشِبَ شَطَّاهُ تَمُوتُ ضَفَادِعُهْ
لَكِنْ لَا يَطْرَحُ حَقَّهُ بِالتَّوَهُّمِ، وَلَا يُسْقِطُ حُرْمَتَهُ بِالظُّنُونِ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا مَا حَالَ عَهْدُ أَخِيك يَوْمًا ... وَحَادَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ
فَلَا تَعْجَلْ بِلَوْمِك وَاسْتَدِمْهُ ... فَإِنَّ أَخَا الْحِفَاظِ الْمُسْتَدِيمُ
فَإِنْ تَكُ زَلَّةٌ مِنْهُ وَإِلَّا ... فَلَا تَبْعُدْ عَنْ الْخُلُقِ الْكَرِيمِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مَلَلُهُ تَرْكًا وَإِطْرَاحًا، وَلَا يُرَاجِعُ أَخًا وَلَا وُدًّا، وَلَا يَتَذَكَّرُ حِفَاظًا وَلَا عَهْدًا، كَمَا قَالَ أَشْجَعُ بْنُ عُمَرَ السُّلَمِيُّ:
إنِّي رَأَيْت لَهَا مُوَاصَلَةً ... كَالسُّمِّ تُفْرِغُهُ عَلَى الشَّهْدِ
فَإِذَا أَخَذْت بِعَهْدِ ذِمَّتِهَا ... لَعِبَ الصُّدُودُ بِذَلِكَ الْعَهْدِ
وَهَذَا أَذَمُّ الرَّجُلَيْنِ حَالًا؛ لِأَنَّ مَوَدَّتَهُ مِنْ وَسَاوِسِ الْخَطَرَاتِ، وَعَوَارِضِ الشَّهَوَاتِ.
وَلَيْسَ إلَّا اسْتِدْرَاكُ الْحَالِ مَعَهُ بِالْإِقْلَاعِ قَبْلَ الْمُخَالَطَةِ، وَحُسْنِ الْمُتَارَكَةِ بَعْدَ الْوَرْطَةِ، كَمَا قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْأَحْنَفِ:
تَدَارَكْت نَفْسِي فَعَرَّيْتهَا ... وَبَغَّضْتهَا فِيك آمَالَهَا
وَمَا طَابَتْ النَّفْسُ عَنْ سَلْوَةٍ ... وَلَكِنْ حَمَلْت عَلَيْهَا لَهَا
1 / 175