110

Adab Dunya Wa Din

أدب الدنيا والدين

Editorial

دار مكتبة الحياة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1407 AH

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Sufismo
لَيْسَ فِيمَا بَدَا لَنَا مِنْك عَيْبٌ ... كَانَ فِي النَّاسِ غَيْرُ أَنَّك فَانِ
وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ. وَكَأَنَّ الَّذِينَ نُشَيِّعُ مِنْ الْأَمْوَاتِ سَفَرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إلَيْنَا رَاجِعُونَ، نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظَةٍ، وَأَمِنَّا كُلَّ جَائِحَةٍ. طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَرَحِمَ أَهْلَ الدَّيْنِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ. طُوبَى لِمَنْ أَدَّبَ نَفْسَهُ وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ، وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ. طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمٍ، وَأَنْفَقَ مِنْ فَضْلٍ، وَأَمْسَكَ مِنْ قَوْلِهِ وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يَعْدُهَا إلَى بِدْعَةٍ» .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «زُورُوا الْقُبُورَ تَذَكَّرُوا بِهَا الْآخِرَةَ وَغَسِّلُوا الْمَوْتَى فَإِنَّهَا مُعَالَجَةُ الْأَجْسَادِ الْخَاوِيَةِ وَمَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ» . وَحَفَرَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَم فِي دَارِهِ قَبْرًا فَكَانَ إذَا وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسْوَةً جَاءَ فَاضْطَجَعَ فِي الْقَبْرِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ [المؤمنون: ١٠٠] . ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: قَدْ أَرْجَعْتُك فَجِدِّي. فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو مُحْرِزٍ الطُّفَاوِيُّ كَفَتْك الْقُبُورُ مَوَاعِظَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ. وَقِيلَ لِبَعْضِ الزُّهَّادِ: مَا أَبْلَغُ الْعِظَاتِ؟ قَالَ: النَّظَرُ إلَى مَحَلَّةِ الْأَمْوَاتِ، فَأَخَذَهُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فَقَالَ:
وَعَظَتْك أَجْدَاثٌ صُمُتْ ... وَنَعَتَك أَزْمِنَةٌ خُفُتْ
وَتَكَلَّمَتْ عَنْ أَوْجُهٍ ... تُبْلَى وَعَنْ صُوَرٍ سُبُتْ
وَأَرَتْك قَبْرَك فِي الْحَيَاةِ ... وَأَنْتَ حَيٌّ لَمْ تَمُتْ
يَا شَامِتًا بِمَنِيَّتِي ... إنَّ الْمَنِيَّةَ لَمْ تَفُتْ

1 / 124