وهذا حين ابتدائي وأقول -والله حسْبي ونعم الوكيل-: فأولُ من تكلم في التعديل والتجريح ونفْي السقيم من الصحيح الخليفة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب الفاروق، وعلي بن أبي طالب المرتضى، وزيد بن ثابت، فإنهم قد جَرَّحوا وعدَّلوا وبَحثوا عن صحة الروايات وسقمها، ذكر ذلك الحاكم في النوع الثامن عشَر من "علوم الحديث "، وَقد ذكر مسلم في مقدمة "صحيحه" عن ابن عباس أيضًا مَا يدل على اعتنائه بالتعديل وَالتجريح.
وقد كان في آخر عصرهم جماعة من المفسدين الذين يريدون إفسادَ الشريعة على أهْل الدين، فبادروا إلى أنواع الفساد، تارةً في المتن وكرّةً في قلب الإسناد، لما لم يمكنهم تبديل كلمة من القرآن لحفظ الله ﷿ له -وقدْ بُدّلت الكتبُ قبله- فزادوا في حديث رسول الله ﷺ أحاديث موضوعة وأسانيد مصنوعة، الفقيه يقلد التعليق (١) ولا يعرف التحقيق،
_________
(١) لا أذكر أني رأيت شرحًا لهذه الكلمة "التعليق" في مثل هذا السياق في شيء من الكتب، والذي يبدو لي من استعمالهم لها أنهم يعنون بها بعض الكتب الفقهية التي يورد مؤلفوها فيها شتى أحاديث=
1 / 17