221

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Editorial

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Número de edición

السادسة

Año de publicación

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

النبي ﷺ صلّى فيه (١). ويتحرّى أن يقف من عرفة في المكان الذي وقف فيه النبي ﷺ (٢).
ولكن قد بينّ ابن تيمية مراده في موضع آخر (٣)، حيث بيّن أن ما فعله ابن عمر لم يزد على أنه كان يختار إحدى الصورتين الممكنتين في الفعل الواحد، وهي الموافقة لما فعله النبي ﷺ دون الأخرى، بأن تحضره الصلاة مثلًا في بقعة معينة قد صلى النبي ﷺ في ناحية منها فيختار الصلاة في تلك الناحية ويترك سائر نواحيها. والمستنكر عند ابن تيمية، ويدعى الاتفاق على إنكاره، أن تعظّم بقعة لم يقصد النبي ﷺ تعظيمها، ويظهر ذلك بأن ينشئ المسلم لها سفرًا طويلًا أو قصيرًا.
فهذا تقييد جيد في المسألة وتحرير صحيح لمحل النزاع.
هذا وقد عوض ما كان يفعله ابن عمر من هذا النوع، بما فعله والده ﵄. قال ابن حجر: ثبت عن عمر أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان. فسأل عن ذلك. فقالوا: قد صلّى فيه النبي ﷺ. فقال: "من عرضت له الصلاة فليصلّ، وإلاّ فليمض، فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعًا".
وقد أوّل ابن حجر هذا الفعل عن عمر ﵁، بحمله على من لا يعرف حقيقة الأمر، فيظن الصلاة هناك واجبة. وهو تأويل فيه نظر، فسياق القصة يأباه.
واحتج أيضًا بحديث عتبان بن مالك، الوارد في صحيح البخاري، أنه طلب من النبي ﷺ أن يأتيه في بيته، ليصلي له في مكان منه يتخذه مصلى، وفعل ذلك.

(١) البخاري ١/ ٥٧٩
(٢) ذكره ابن حجر في الإصابة ٢/ ٣٤٩ (سيرة عمر لعلي الطنطاوي).
(٣) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص ٤٢٣

1 / 230