Enciclopedia de las Obras Completas del Imam Muhammad Khidr Husayn
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Géneros
وروي في سبب نزول هذه الآيات أثر آخر، هو أن هذه الآيات نزلت # ردا على اليهود؛ حيث أنكروا أن يضرب الله الأمثال بالمحقرات؛ كالذباب، والعنكبوت.
ومناسبة هذه الآيات لما قبلها على مقتضى هذا الأثر: هي أن الله تعالى بعد أن نفى الريب عن القرآن بقوله: {لا ريب فيه} [البقرة: 2]، ونبه للدليل على إعجازه بقوله: {فأتوا بسورة من مثله} [البقرة: 23]، أشار إلى دفع شبهة أوردها الكفار قدحا في كونه وحيا من الله، وهي أن القرآن ذكر فيه الذباب والنمل والعنكبوت، ولا يليق بكلام الله أن تذكر فيه هذه المحقرات.
{إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها}:
يستحيي: من الاستحياء بمعنى: الحياء، وهو في أصل اللغة: انقباض النفس وانكسارها من خوف ما يعاب به ويذم، وهذا المعنى غير لائق بجلال الله، وليس المراد في هذه الآية نفيه عن الله، وإنما أريد نفي ما يترتب عليه؛ أعني: ترك الفعل.
والمعنى: أن الله لا يترك أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها. وإطلاق الفعل كالاستحياء على ما يترتب عليه كترك الفعل، مألوف في الكلام البليغ حيث يكون المراد واضحا.
والمثل في اللغة: الشبيه. وهو في عرف القرآن: الكلام البليغ المشتمل على تشبيه بديع كالمثلين السابقين، أو وصف غريب؛ نحو قوله تعالى: {ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه} [الحج: 73].
Página 52