لا يتجزأ.
﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾:
الجزاء: المكافأة على الشيء، ويستعمل في الخير والشر؛ أي: يكون ثوابًا وعقابًا. واسم الإشارة ﴿ذَلِكَ﴾ مشار به إلى القتل والإخراج من الديار اللذين نقضوا بهما عهد الله بغيًا وكفرًا. والخزي: الهوان والمقت والعقوبة. وهذا وعيد من الله تعالى لأولئك اليهود الذين نقضوا عهده بالعقاب العاجل في الدنيا، وهذه سنة الله في كل أمة لا تتمسك بدينها، ولا تربط شؤونها الاجتماعية بأحكام شريعتها وآدابها. ومن أشد أنواع الخزي: أن يسلط عليها عدوها، فيرهقها بغيًا وعدوانًا، ويسومها سوء العذاب ليلًا ونهارًا.
﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾:
أخبر في هذه الجملة أن الخزي الذي يصيبهم في الدنيا لا يكفر عنهم ذنوبهم، بل هم صائرون في الآخرة إلى عذاب أشد منه. ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾: زمان يمتد من البعث إلى أن يفصل الله بين العباد، ويستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. و﴿يُرَدُّونَ﴾: يصيرون. ومن الوجوه التي صار بها عذاب الآخرة أشد: أنه عذاب خالد؛ بخلاف الخزي في الحياة الدنيا.
﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾:
هذا خطاب لليهود على وجه الالتفاف؛ أي: الانتقال من طريق الغيبة إلى طريق الخطاب؛ إذ قال: ﴿تَعْمَلُونَ﴾، وقد قال تعالى فيما سبق: ﴿يُرَدُّونَ﴾. والغفلة: السهو. والمعنى: أنه تعالى لا يأخذه سهو عن أعمالكم حتى يترك مجازاتكم عليها. فالمراد من نفي الغفلة: ما يتسبب عنها من ترك مجازاتهم.