مهمة. ومن أمثلة ذلك مسألة تحريم القول على الله بغير علم، بحثها في (١/ ٨٠ وما بعدها) ثم أعاد ذكرها في (٣/ ٣) بزيادات وإضافات. ثم كرَّرها مرة أخرى (٥/ ٣٤، ٣٥)، وذلك لبيان خطورة القول على الله بلا علم. ومنها: تحريم الإفتاء في دين الله بالرأي المذموم المتضمن لمخالفة النصوص، والرأي الذي لم تشهد له النصوص بالقبول، وساق الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة (١/ ٩٨)، ثم كرَّرها (٣/ ١٧١) وأتى بأدلة لم يأتِ بها في الموضع السابق. ومنها مسألة التقليد، بحثها في مواضع متفرقة (١/ ٩٥، ٣/ ١٢ - ١٧٠، ٥/ ٦٨).
ومن أبرز خصائص أسلوبه: الاستطراد، فكان إذا بحث مسألة استرسل في الكلام حتى يخرج عن موضوعه الأصلي إلى موضوع آخر قد يكون أنفع للناس من المسألة المبحوث عنها، وقد يكون هذا الاستطراد طويلًا حتى يكون مبحثًا قائمًا برأسه. وقد سبق في بناء الكتاب وترتيب مباحثه ذكر نماذج من مثل هذا الاستطراد، فلا نعيدها هنا.
ولا يقتصر المؤلف على الفقه الظاهر المجرد، بل يمزجه بالجانب الروحي، ويذكر أعمال القلوب وأحوالها كمحبة الله وخشيته، ورجاء رحمته ودعائه، والإنابة والاستغفار، والافتقار إليه والانكسار له، وإخلاص الدين له، ويقول: «لو طهُرت منّا القلوب، وصَفَت الأذهان، وزكت النفوس، وخلصت الأعمال، وتجرَّدت الهمم للتلقّي عن الله ورسوله= لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره وحِكَمه ما تضمحل عنده العلوم، وتتلاشى عنده معارف الخلق» (١/ ٣٥١). ويُرشِد المفتي إذا استشكلت عليه المسألة إلى اللجوء إلى الله بالافتقار إليه، وحسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه
المقدمة / 54