أهل الرأي، ونقل فيه ما روي عن الصحابة من الأخذ بالرأي، ثم ذكر أنه لا تعارض بين الآثار المذكورة، ويتبيّن ذلك بالفرق بين الرأي الباطل والرأي الحق. ثم فسر لفظ الرأي، وقسمه إلى ثلاثة أقسام: باطل بلا ريب، ورأي صحيح، ورأي هو موضع الاشتباه. ثم قسم الرأي الباطل إلى خمسة أنواع، وذكر قول ابن عبد البر إن الآثار المروية في ذم الرأي لا تخرج عن هذه الأنواع المذمومة، وهنا نقل آثار التابعين ومن بعدهم في ذم الرأي.
ثم تكلم على الرأي المحمود، وقسمه إلى أربعة أنواع. ولما عقد فصلا للنوع الرابع منه وهو أن يكون بعد طلب علم الواقعة من القرآن، فإن لم يجدها فيه ففي السنة، فإن لم يجد فيها ففي أقضية الصحابة، وإلا فاجتهد رأيه ونظر إلى أقرب ذلك من المصادر المذكورة. واستدل على ذلك بقول عمر لشريح: «ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم يستبِنْ في كتاب الله فمن السنَّة، فإن لم تجده في السنَّة فاجتهِدْ رأيَك». ثم نقل خطاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، وأخذ في شرحه.
* شرح كتاب عمر إلى أبي موسى في القضاء (١/ ١٨٥ - ٢/ ٥٢٠).
وقد شرحه المؤلف فقرة فقرة. ومن المباحث المهمة التي جاءت ضمن الشرح:
- معنى البينة ونصاب الشهادة (١/ ١٩٤ - ٢٢٣). وبيّن أن الأمر بالتعدد في جانب التحمل وحفظ الحقوق لا يلزم منه الأمر بالتعدد في جانب الحكم والثبوت، وأن الطرق التي يحكم بها الحاكم أوسع، ثم استطرد إلى أن السنة تولية الأنفع للمسلمين على من هو أفضل منه. وقال في آخر البحث: «ولا تستطل هذا الفصل، فإنه من أنفع فصول الكتاب».
المقدمة / 32