ظاهرًا لا يحتجب أصلا، بمنزلة الأعلام المنصوبة التي يهتدي بها الناس في الطرق المجهولة في البر والبحر، فهم ينظرون إليها متى أرادوا، ويهتدون بها حيث شاؤوا».
وما ذكرنا من طلب الخفّة والسلاسة في العنوان يظهر جليًّا في تغيير المؤلف عنوان كتاب آخر له أيضا، سمّاه أولا «بيان الاستدلال على بطلان اشتراط محلّل السباق والنضال». وهذا العنوان مثل عنوان كتابنا «معالم الموقعين عن رب العالمين» ذكره الصفدي في كتابيه. ولا يخفى ما فيه من ثقل لتوالي الإضافات في السجعة الثانية مع العطف في الإضافة الأخيرة، فاستطال التركيب، فاختار المؤلف فيما بعد عنوانًا آخر فكّ فيه الإضافات، وانتقى كلمات أخرى أخفّ وألطف، وهو «بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل». وهذا العنوان الجديد مثل عنوان كتابنا «أعلام الموقعين عن رب العالمين» ذكرهما شهاب الدين ابن رجب (ت ٧٧٤) في معجم شيوخه (المنتقى:١٠١) وابنه زين الدين ابن رجب (ت ٧٩٥) في «الذيل على طبقات الحنابلة» (٥/ ١٧٥)، والأب والابن كلاهما من تلامذة المؤلف.
ومما يدل على أن العنوان الأول وهو «معالم الموقعين عن رب العالمين» الذي ذكره الصفدي أقدم من هذا الذي ذكره ابن رجب: حجمه الذي نص عليه الصفدي، وهو «سفر كبير»، مثل حجم طريق الهجرتين، لا كحجم زاد المعاد الذي في «أربعة أسفار». أما عند ابن رجب فزاد المعاد في «أربعة مجلدات» كما قال الصفدي، وطريق الهجرتين في «مجلد ضخم» كما قال الصفدي أيضا؛ ولكن أعلام الموقعين في «ثلاثة مجلدات»
المقدمة / 16