Luminarias del pensamiento islámico en la era moderna
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Géneros
وفي عهد محمد علي نجد إشارات متفرقة يمكن بجمعها وتعمقها أن نستدل على موقف العطار السياسي، وأولى هذه الإشارات أن الرجل كان صديقا حميما للجبرتي المؤرخ، وأنه أسهم معه في تأليف كتابه «مظهر التقديس»، والمعروف عن الجبرتي أنه كان ينقم على محمد علي افتياته على الكيان المصري والشخصية المصرية، وإن أعجب بنشاطه وحزمه، يقول في ذلك: «... فلو وفقه الله بشيء من العدالة على ما فيه من العزم والكياسة والشهامة والتدبير والمطاولة لكان أعجوبة زمانه وفريد أوانه.»
وليس ببعيد أن يكون هذا هو حقيقة موقف العطار نفسه من محمد علي وحكمه، لا سيما أن الرجل كان شديد الغيرة على المصلحة العامة، شديد الحرص على تشخيص الواقع المحيط به وتغييره. •••
أما الإشارة الثانية إلى موقف العطار السياسي في عهد محمد علي، فنجدها في الوقائع في الفترة التي ولي فيها العطار تحرير القسم العربي منها (1828-1830م). وخلاصة هذه الإشارة أن أحد محرري الوقائع، واسمه عزيز أفندي، كان يحرص على أن يعرض الأخبار التي ترد إليه من محمد علي عرضا موجها، أي أنه كان يعلق عليها برأيه الشخصي، ولم يرض ذلك محمدا عليا، فلفت نظر عزيز أفندي مرة ومرة، وفي الثالثة نحاه نهائيا عن الوقائع، وبعد ذلك بقليل نجد رئيس التحرير نفسه يعتذر عن كتابته بعض أشياء لم يكن مطلعا عليها فوقع بها الخطأ، وأن سعادته «محمد علي» أمر بأنه لا يكتب شيء إلا بعد الاطلاع على حقيقته ليكون خاليا من السهو والخطأ، ويشكر المحرر محمدا عليا لتجاوزه عن هذا الأمر، بل واختياره المحرر عضوا في المجلس العالي من غير استحقاق.
وهذه الإشارات جميعا لا تدع مجالا للشك في أن العطار لم يكن راضيا تماما عن كل ما يدور حوله، ولكنه كان كيسا اتعظ بما فعل محمد علي بزعماء المصريين وعلمائهم المناوئين له، فلم يلجأ «العطار» إلى أسلوب المجابهة المفتوحة.
والخلاصة أن الشيخ حسن العطار كان له موقف متكامل من مشكلات مجتمعه الثقافية والتعليمية والأدبية والسياسية.
وقد حاول أن يشخص هذا الواقع ويحدد جوانب الضعف فيه، كما نادى بضرورة تغييره ورسم برنامج هذا التغيير، ثم أسهم بدوره في هذا التغيير، وأخيرا أنه عهد بأمانة هذا التغيير ومستقبله إلى تلاميذه، الذين يعتبر رفاعة الطهطاوي نموذجهم الفذ الذي بلغت حركة العطار على يديه أوجها. وفي كل ما قاله الطهطاوي وما عمله تكاد روح العطار وشخصيته أن تلمس باليد.
محمد أبو الفتح
1217-1294ه
هو الشيخ محمد أبو الفتح مفتي الإسكندرية، وقد ولد في أوائل القرن الثالث عشر، وطلب العلم بالأزهر على الشيخ الصاوي وغيره من شيوخ الوقت، ثم انتقل لرشيد وتزوج بها.
وكان ملازما للشيخ محمد البنا الكبير، فلما انتقل الشيخ إلى الإسكندرية انتقل المترجم معه وبقي بها وانتخب أمينا لفتواها، وكان مفتيها إذ ذاك الشيخ الدويري، ثم لما مات «الدويري» تولى «البنا» الإفتاء، فنقل المترجم لمنصب آخر، ولما مات البنا تولى هو إفتاء الثغر وبقي به إلى أن مات.
Página desconocida