أجاب: دون شك.
وكان فيلكس يسمع هذا الحديث، فقال في نفسه: رباه ألا يمكن أن يخطر لهم فتح هذا الصندوق الذي أنا فيه؟
وأتم البحار حديثه فقال: إن البحر ساكن اليوم، ولكن لا يجب الركون إليه، فإنني أرى بوادر الزوبعة، وقد أخطأ ربان سفينتكم بعزمه على السفر اليوم، وربما رجع عن هذا العزم، فعاود فيلكس الرجاء.
وقال في نفسه: إنها إذا أخرت سفرها إلى الغد تنتهي مدة تخديري وأستفيق فأستنجد.
ووصل القارب إلى السفينة، ونقل الصندوق إليها، وأمر الربان بالسفر؛ فرفعت المراسي، ونشرت القلوع، وخرجت السفينة من الميناء، وبعد أن اجتازت نحو عشرين ميلا في عرض البحر، تحققت نبوءة بحار القارب، وبدأت العاصفة، وهاجت الأمواج هياجا عظيما حتى خشي على السفينة من الغرق، فأمر الربان بإلقاء الشحن إلى البحر حسب العادة في مثل هذه الأحوال، مبتدئين بالبراميل ثم بالصناديق.
فأخذ البحارة يصعدون بالبراميل من عنبر السفينة، ويلقونها إلى المياه، وفيلكس يسمع أصواتهم، ويعلم أنه لم يبق له شيء من الرجاء فسيأتي دوره قريبا.
وكان الخطر يزيد في كل لحظة والربان يصيح ببحارته، ويأمرهم بالإسراع في إلقاء البضائع وهم يمتثلون إلى أن جاء دور صندوق فيلكس، وشعر أن رجلين حملاه من العنبر، وأنهما صعدا به في السلم إلى ظهر السفينة، وأنهما يدنوان به من حافتها كي يلقياه، فتبتلعه الأمواج.
ولم يكن «بول سابري» من أهل الشر، وهو لم يوافق البارون على ما أراده إلا مضطرا بعد أن تهدده بالقبض عليه كما تقدم.
فلما رأى البحارة عازمين على إلقاء الصندوق في البحر نسي تعهده وموقفه من الحرج، وهاله إلقاء هذا المنكود في البحر وقتله غرقا، فصاح بالبحارة قائلا: احذروا أن تفعلوا، فإن في هذا الصندوق إنسانا حيا!
فذهل البحارة والربان، وأسرع بول ، فقطع حبال الصندوق بسكين وفتحه، فصحا فيلكس لدخول الهواء في رئتيه ولانتهاء مدة التخدير، وتنهد تنهدا طويلا، ثم خرج من الصندوق، وهو لا يزال بملابس البهلوان.
Página desconocida