وكانت الكونتيس في خلال الحديث تنظر إلي نظرات ساهية، وقد انقطع هذيانها، فلما قلت جملتي الأخيرة استوت جالسة على سريرها، وقالت لي: إذن تعرفين ولدي؟
ونظرت إلينا نظرة ملؤها الرعب، فقلت لها: نعم يا سيدتي.
فصاحت تقول: ولدي! ولدي! ثم انهملت دموعها كالسيل، فقال الطبيب: لقد أنقذتها دموعها وزال الخطر، ثم قال لي: يجب أن تسرعي، فأين هو الغلام، أتعرفين؟
قلت: نعم، فهو في باريس، وسأذهب فأجيء به في الحال.
وحاولت أن أذهب من فوري، فاستوقفتني الكونتيس وقالت: اصبري يا ابنتي، فسأذهب معك.
وقد تداخل الطبيب عند ذلك فقال للكونتيس: إنك منهوكة القوى يا سيدتي، ولا بد لك من الاستراحة، وستذهب هذه السيدة مع خادمك جاك، ويعودان بعد ساعة بولدك؛ إذ لا بد لك من التأهب لهذا التأثير الجديد للقاء ولدك.
وبعد ساعة وصلت مع الخادم إلى باريس، ودخلت في مرسح التمثيل، وبحثت عن فيلكس فلم أجده، وسألت عنه مدير الجوق، فقال لي والدموع تجول في عينيه: لقد هجرنا وا أسفاه، ولا نعلم إلى أين ذهب.
وقد كدت أجن من قلقي، فطلبت إلى مدير الجوقة أن يخبرني بكل ما جرى، فقال: نعم، لقد حدث أمر غريب لم نفهمه، فإن هذا الرجل الذي اتفقت وإياه على الغناء في مرسحه قد جاءنا بعد ذهابك، وسألنا عنك، فلما علم أنك ذهبت إلى فرساي ظهرت عليه علائم الانذهال ثم انقبض.
قلت: وبعد ذلك؟
قال: كان انقباضه أشد حين رأى «السيئ البخت» فإن فيلكس كان يغار منه عليك، وينظر إليه نظرات ملؤها الغضب، وقد سألنا الرجل عنه فقلنا إنه يدعى «السيئ البخت».
Página desconocida