فقال الدهقان: «ومن أين أنتم قادمون؟»
قال: «من الحج.» وفي ملامح وجهه ما يدل على أنه يعني غير ما يقول، ففهم الدهقان أنه يريد الكتمان كعادته من قبل؛ فقد كان أبو مسلم يفد على الدهاقين في طلب المدد من المال ونحوه انتصارا للشيعة. وكان يفعل ذلك سرا؛ خوفا من عمال بني أمية، فسكت الدهقان، فأدرك أبو مسلم ظنه فقال: «لا تظننا نريد التكتم؛ فقد انقضى زمن الأسرار، وآن لنا أن نظهر دعوتنا، فهل أنتم على عهدكم معنا؟»
فتذكر الدهقان أنه وعد الكرماني بمصاهرته؛ وبذلك يكون قد خالف العهد، وقد كان في جملة من عاهد على نصرة بني العباس، ولكنه لم يتوقع ثباتهم؛ لتكرار فشل الشيعة في نصرة أهل البيت، ومع ذلك فقد ظن في كلام أبي مسلم مبالغة، فأراد أن يتحقق منه، على أن يكتم عنه أمر الكرماني، ثم يكون بعدئذ مع الغالب فقال: «وماذا تعني بذهاب زمن الأسرار؟»
قال: «أعني أننا كنا نأتيكم سرا باسم إبراهيم الإمام، وننصركم على بني أمية ريثما يحين الوقت للظهور وإخراج دعوتنا من القول إلى الفعل بالسيف، فنبشركم أن الإمام قد أمرنا بإظهار الدعوة.»
فقال الدهقان: «هل جندتم الرجال؟»
قال: «لم نجند أحدا؛ لأننا لم نبدأ بإظهار الدعوة بعد، وأنت أول من عرف بعزمنا على ذلك، ونرجو إذا أظهرناها أن يستجيب لنا كثيرون؛ لأن أنصار شيعتنا عديدون في خراسان، ومعظم الدهاقين معنا.»
قال الدهقان: «هذا صحيح. ومن هم الذين معك في القافلة؟»
قال: «النقباء؛ وهم سبعون نقيبا اختارهم الإمام من شيعته ووجوههم لدعوة الناس إلى اتباعه وحمل السلاح في نصرته. وسنفرقهم في خراسان قريبا.»
قال الدهقان: «وكيف استطعتم المرور بهذا العدد الكبير في البلاد دون أن يشك العرب في أمركم وهم يسيئون الظن بكل فارسي؟»
الفصل السابع
Página desconocida