Abu Muslim Khurasani

Jurji Zaydan d. 1331 AH
194

Abu Muslim Khurasani

أبو مسلم الخراساني

Géneros

فقال صالح: «عفوك يا مولاي، فإني فضلا عن عدم استحقاقي لهذا المنصب لا أريد أن أسمي نفسي عرافا؛ لأني لا أحمل أدوات التنجيم، وإنما أقول ما يلقيه إلي الهاتف أو يلهمنيه الله، وقد كنت أستعين بالنجوم، فلما كف بصري اكتفيت بالإلهام، فإذا شئت أن أكون في خدمتك ضعني في حجرة من حجرات دارك، أو في مكان آخر لا يراني فيه أحد؛ لأني لا أرى أحدا.»

فقال المنصور: «بل تقيم في داري لتكون قريبا مني.» وصفق فجاء حاجبه الربيع، فأمره أن يأخذ ذلك الزاهد إلى حجرة منفردة في داره، ففعل وأمر بعض الخدم أن يقوموا بخدمته.

أما المنصور فلما خلا بنفسه عاد إلى دهائه وذكائه، وطلاب السيادة يومئذ يسيئون الظن حتى في أولادهم، وبخاصة المنصور؛ لفرط حذره وحزمه، فلما رأى ذلك الزاهد يطلب الإقامة في داره أساء الظن به، وأحب أن يختبر صدق كرامته وولايته؛ لئلا يكون دسيسة من أحد أعدائه، فجعل يفكر في رجل عاقل يختاره لامتحانه، ولم يكن عنده أعقل من خالد بن برمك - وكان مفضلا عنده - والمنصور كثير الاعتماد على آرائه، فبعث إليه فجاءه، فأخبره بأمر الرجل الزاهد، على أن يكون ذلك سرا؛ لأنه اختاره على سائر العرافين ليستعين بآرائه عند الحاجة، إلى أن قال: «ولكنني أخشى أن يتعمد خداعي، فلا يكون عنده علم ولا ولاية، فادخل عليه وامتحنه.» وأمر الربيع أن يأخذه إلى حجرته.

الفصل الرابع والسبعون

كشف السر

فمشيا والمنصور معهما حتى أقبلا على الحجرة، فدخل خالد وظل المنصور والربيع بالباب بحيث يسمعان ما يدور بداخلها، فلما سمع صالح وقع الأقدام داخل الحجرة تظاهر بإعمال الفكرة. أما خالد فلم يزد على أن قال: «السلام عليك.» فعرفه صالح من صوته، فأجابه على الفور: «وعليك السلام يا ابن برمك. إنك خير الوزراء لخير الخلفاء.»

فدهش خالد لمعرفة اسمه، وفرح لتسميته وزيرا، فأصبح يتمنى أن يعتقد المنصور في كرامته؛ فيعمل برأيه، ويجعله وزيرا، فالتفت خالد إلى المنصور فرآه يشير إليه أن يغالطه، فقال خالد: «وما ذنبي عندك حتى جعلت والدي مجوسيا، فإذا كنت لم تعرفني فقد كان ينبغي أن تصمت.»

فضحك صالح وقال: «إذا كنت خالدا، وقد ولدك برمك المجوسي، فما هو ذنبي عندك؟ على أن خروجك من صلب رجل غير مسلم لا يمنع فضلك، فإن النبي

صلى الله عليه وسلم

لم يكن أبوه مسلما، وإذا كنت تقصد اختباري، فاسألني فأكشف لك ما يجول في خاطرك حتى لا يبقى عندك شك في إخلاصي.»

Página desconocida