ولما بلغ الثامنة عشرة تاقت نفسه إلى زيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، فتم له ما أراد. ولما عاد من الحج إلى مصر اتخذها وطنا ثانيا له، واشتغل بتجارة الحرير في المحلة الكبرى.
وعاد إلى الحج غير مرة، وزار بيت المقدس.
ثم رأى أن يكون مجاهدا في سبيل الله، فزج بنفسه في الجيش التركي في حرب تركيا وروسيا سنة 1876، وعين إماما لإحدى فرق الجيش، وحضر عدة مواقع أحرز فيها ثناء رؤساء الجيش ومحبتهم له، لما طبع عليه من دماثة الخلق وقوة الإيمان وعلو النفس.
ثم عاد إلى مصر، وصاهر إحدى العائلات الكريمة في المحلة الكبرى. ونزح إلى مدينة القاهرة، واشتغل في أول أمره بالتجارة في الحاصلات والمصنوعات المغربية، فاتسعت دائرة عمله وامتدت معاملاته إلى الشام وتركيا والهند وجاوه.
وسافر إلى أوروبا غير مرة، وزار المكتبات الكبرى، وخالط كبار المستشرقين.
ثم تاقت نفسه إلى طبع الكتب الدينية والعلمية.
وبدأ عمله بطبع مدونة الإمام مالك، فسافر إلى المغرب الأقصى، وبذل المال بسخاء ثمنا لنسخة من المدونة مكتوبة على رق غزال، وعاد بها إلى مصر، وعني بطبعها وتسهيل اقتنائها.
وكان طبع المدونة سببا لقضية مدنية كبرى قامت بينه وبين زميله الخشاب، طال النظر فيها أمام المحاكم وانتهت بفوزه على خصمه.
ولم يكتف السيد الساسي بجلب المدونة وطبعها، بل أحضر من المغرب الأقصى بعض كتب أخرى خطية واقتنى مطبعة كبرى لطبعها.
ومن عيون المؤلفات التي طبعها كتاب المبسوط في مذهب أبي حنيفة.
Página desconocida