واشترك في الحركة الوطنية منذ نشأتها، فكان عضوا في الوفد، وكان خطيبا في الأزهر الشريف، وكان داعية للاعتصاب والاضطرابات، وكان النائب الوفدي في البرلمان والوزير في الوزارات الوفدية.
كان يشتغل في شئون طائفته ومصالح وطنه بعقله وأعصابه لا يبالي بوقت يضيعه ولا بمال يقذف به هنا وهناك في سبيل الخدمة العامة.
ولم يكن يعرف حق صحته عليه فأنهكه العمل ولزم فراشه منذ سنوات، وقد فقد كل شيء إلا الذكر العاطر والسمعة الطيبة رددها كل من عرف الرجل صغيرا وكبيرا، محاميا ووزيرا.
الفصل الثالث والثلاثون
السيد محمد الساسي المغربي
وكذلك توفي (في يوليو سنة 1934) الحاج محمد الساسي ، التاجر المغربي المعروف في شارع الفحامين.
وشارع الفحامين كان لسنوات مضت مركز كبار التجار المغاربة، تجار الجملة والقطاعي في الأحرمة والبطاطين الجربي، والزيت المغربي، والشاي الأخضر، والبلغ الفاسي، والنشوق، والطرابيش المغربي، والمحافظ الجلد، وغيرها من حاصلات ومصنوعات المغرب الأقصى والأدنى، من بنغازي شرقا إلى فاس غربا.
ورحم الله أيام كانت تلك السوق عامرة بكبار التجار، ومنهم الحاج أحمد بنونة، وسعيد بن فايد، وابن شداخ، وقاسم الحلو، وإسماعيل بن دياب، وابن شعبان، وابن سحلية، وابن شقرون، والشيخي وغيرهم.
وكان الحاج محمد الساسي في طليعة القوم ومن رجالهم المعدودين، وقد اشتهر من بينهم بطبع كتب الدين والعلم والأدب، ونافس كبار الكتبية والطباعين في الحي الحسيني والنبليطة والحلوجي، ومنهم الخشاب والطوبي وعبد اللطيف والبابي الحلبي ومصطفى فهمي وسعيد الرافعي.
والحاج محمد الساسي المغربي سليل عائلة كريمة في تونس، نشأ نشأة طيبة.
Página desconocida