Abu Hanifa y los Valores Humanos en su Doctrina
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Géneros
وسواء أصح هذا الذي يروونه فيما يتصل بأبي حنيفة والنحو أم لم يصح، وأنه لو كان صحيحا لكان السبب في إعراضه عن دراسة النحو الذي لا يتأتى القياس فيه؛ فإنه من المؤكد أنه اتجه فيما بعد لعلم الكلام، وأخذ منه بنصيب موفور، كما كانت له فيه كتب أثرت عنه، ومن هذه الكتب: الفقه الأكبر، الرد على القدرية، العالم والمتعلم، ورسالته إلى البستي.
9
اتجاهه للفقه
وقد أراد الله له أخيرا أن يقبل على علم الفقه، وأن يجعله همه من حياته، فكان أن انصرف إليه بكليته، واتصل بشيوخ الفقهاء يأخذ عنهم وبعض المؤرخين له يروون أنه قصد إلى اختيار الفقه عن علم بعظيم جدواه، وذلك بعد أن نظر فيما يمكن أن يكون من خير في دراسة العلوم الأخرى.
هذا هو الخطيب البغدادي يروي عن أبي يوسف أن أبا حنيفة قال: لما أردت طلب العلم جعلت أتخير العلوم وأسأل عن عواقبها، فقيل لي: تعلم القرآن، فقلت: إذا تعلمت القرآن وحفظته فما يكون آخره؟ قالوا: تجلس في المسجد ويقرأ عليك الصبيان والأحداث، ثم لا يلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو يساويك في الحفظ فتذهب رياستك. قلت: فإن سمعت الحديث وكتبته حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني؟ قالوا: إذا كبرت وضعفت حدثت واجتمع عليك الأحداث والصبيان، ثم لا تأمن أن تغلط فيرموك بالكذب فيصير عارا عليك في عقبك. فقلت: لا حاجة لي في هذا. ثم قلت أتعلم النحو. فقلت: إذا حفظت النحو والعربية ما يكون آخر أمري، قالوا: تقعد معلما، فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة. قلت: وهذا لا عاقبة له؛ قلت: فإن نظرت إلى الشعر فلم يكن أحد أشعر مني ما يكون من أمري؟ قالوا: تمدح هذا فيهب لك، أو يحملك على دابة، أو يخلع عليك خلعة، وإن حرمك هجوته فصرت تقذف المحصنات. قلت: لا حاجة لي في هذا. قلت: فإذا نظرت إلى الكلام ما يكون آخره؟ قالوا: لا يسلم من نظر في الكلام من مشنعات الكلام، فيرمى بالزندقة؛ فإما أن تؤخذ فتقتل، وإما أن تسلم فتكون مذموما ملوما. قلت: فإن تعلمت الفقه؟ قالوا: تسأل وتفتي الناس، وتطلب للقضاء وإن كنت شابا. قلت: ليس في العلوم أنفع من هذا، فلزمته.
10
وأخيرا يذكر الخطيب أيضا بعد ذلك،
11
عن الحسن بن زيد، عن زفر بن الهذيل، أن أبا حنيفة كان ينظر في علم الكلام حتى بلغ فيه مبلغا يشار إليه فيه بالأصابع، وكان جلوسه قريبا من حلقة حماد بن سليمان الفقيه، وحدث أن جاءته امرأة سألته عن مسألة فقهية فلم يعرفها، فأمرها أن تسأل حمادا، ثم ترجع فتخبره برأيه، فلما علم إجابة حماد قال: لا حاجة لي بعلم الكلام، وأخذ نعله فجلس إلى حماد.
12
Página desconocida