قال التلميذ وكأنه يمزح: أولا يسفر الشيخ بينهما ليظهر لكليهما نصف باطله ونصف الحق عند خصومه؟
ففطن أبو العلاء لموضع المزاح من كلامه وتمتم بين شفتيه:
بعثت شفيعا إلى صالح
وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني سجع الحما
م وأسمع منه زئير الأسد
ولأفسد من ذاك أن أذهب شفيعا في حرب الأقدار، وسفيرا بين الإعصار والنار.
المرأة
نشط الشيخ في ذلك اليوم للبحث والمساجلة، فأقبل على تلميذه يسأله: ألا تحدثني يا بني عن تلك الفلسفات التي ذكرت لي أنهم يدورون بها حول المرأة في الغرب الحديث، وفي زمانكم هذا الأخير؟ فقد أنبأتني بالقليل منها يوم حدثتك برأيي في جنديات الأندلس المقاتلات، وقد لاح لي مما أنبأت أن فلسفات القوم في هذا المجال تشتمل على كثير، وإن آراءهم اليوم توشك أن تنصرف كلها إلى فلسفة الزواج وفلسفة العشق وفلسفة الإباحة وما شاكل ذلك من الفلسفات. وإني - كما تعلم - امرؤ قد عنيت بهذا الأمر وأفرطت في العناية به حتى لزمت الرهبانية، فماذا يقول القوم فيه؟ وعلام يقع الخلاف؟ وكيف يختلفون؟
قال التلميذ: إني لأستحي أن أقوم من الشيخ مقام الأستاذ ولو في هداية الطريق، فكيف بالهداية في الحكمة وأقاويل الحكماء!
Página desconocida