خالد يحج سرا١ شهر ذي الحجة سنة ١٢هـ - شباط/فبراير سنة ٦٣٤م
لما أيقن خالد من انهزام العدو اشتاق إلى زيارة مكة وإلى تأدية فريضة الحج متخفيا من غير أن يستأذن أبا بكر فأمر جيشه بالعودة إلى الحيرة وتظاهر بأنه سائر في مؤخرة الجيش فبدأ رحلته إلى مكة ومعه عدة من أصحابه لخمس بقين من ذي القعدة ولم يكن معه دليل فاخترق الصحراء مسرعا رغما عن صعوبة الطريق.
ولما أدى فريضة الحج عاد إلى الحيرة في أوائل فصل الربيع فكانت غيبته على الجند يسيرة فما وصلت إلى الحيرة مؤخرة الجيش حتى وافاهم خالد مع صاحب الساقة فقدما معا وخالد وأصحابه محلقون وقد كان تكتمه شديدا حتى إنهم ظنوا أنه كان في هذه المدة بالفراض ولم يعلم أبو بكر بحج خالد مع أنه كان في الحج أيضا غير أنه بعد قليل بلغه الخبر فاستاء جدا وعتب عليه وكانت عقوبته أن صرفه إلى الشام ليمد جموع المسلمين باليرموك فأرسل إليه كتابا هذا نصه:
سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك فإنهم قد شجوا٢ وأشجوا٣ وإياك أن تعود لمثل ما فعلت فإنه لم يشج الجموع من الناس بعون الله شجاك ولم ينزع الشجى من الناس نزعك فليهنئك أبا سليمان النية والخطوة فأتمم يتمم الله عليك ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل وإياك أن تدل بعمل فإن الله له المن وهو ولي الجزاء.
وفي هذه السنة سنة ١٢ هـ تزوج عمر ﵁ عاتكة بنت زيد وفيها مات أبو مرثد الغنوي وهو أبو مرثد كناز بن الحصين الذي حمل اللواء في بعث حمزة وكان أول لواء عقده رسول الله ﷺ وفيها مات أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة وكان من الأسرى يوم بدر ثم أسلم وهو زوج زينب بنت رسول الله وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد ﵂ أخت خديجة أم المؤمنين وأوصى إلى الزبير وتزوج علي ﵇ ابنته أمامة بنت زينب بنت رسول الله وفيها اشترى عمر أسلم مولاه بالناس في هذه السنة أبو بكر واستخلف على المدينة عثمان بن عفان كما ذكر ذلك الواقدي.
_________
١- المنتظم: ٤/١١١، تاريخ الطبري: ٢/٣٢٩-٣٤١.
٢- شجوا: جرحوا.
٣- أشجوا: قهروا وغلبوا.
1 / 78