ولم يكن يعلم لنكولن إلا بالقليل مما تصنع، فلا يفعل في أكثر الأحيان أكثر من أن يبسط أمامها الصحف التي تعيب عليه ضعفه، وتعيب على زوجته تدخلها في شئون الدولة، ولقد يغلظ لها في القول أحيانا، فما كاد يفعل حتى يجن جنونها فيغادرها حتى يذهب عنها الغضب.
الرئيس وأسرته في البيت الأبيض.
بهذا وبغيره مما تفعل ماري حرم لنكولن من أسباب الراحة والعزاء ما كان حريا أن يجده بين يدي زوجته.
وكان لنكولن يطلب العزاء بعض الوقت في الجلوس إلى ابنيه ومداعبتهما، وكان لأبراهام عند مجيئه إلى البيت الأبيض ثلاثة بنين: روبرت وكان في الثامنة عشرة، وكان أبوه لا يلقاه إلا قليلا لوجوده في جامعة هارفارد؛ حيث كان يدرس القانون؛ وولي وكان فوق العاشرة بقليل؛ وتوماس أو تاد كما كان يسمى في البيت، وكان في نحو الثامنة.
وكان يتسلل لنكولن أحيانا إلى حيث يشهد بعض المسرحيات، وكان يحرص أن يذهب بصفته الشخصية في بساطة ودعة فليس معه إلا بعض الخلان.
ولقد يكون له في الموسيقى بعض ما يخفف همه، وفي الكتب مسلاة له أحيانا إذا خاف من وساوس النفس وأوهامها في ساعات الفراغ، إن كان ثمة له من فراغ!
جنون العاصفة!
لم يكد يمضي ثلاثة أشهر على اشتعال نار هذه الحرب الأهلية التي انبعثت شرارتها الأولى في الثاني عشر من شهر أبريل سنة 1861، حتى ماجت وشنطون بالمتطوعين، وأصبحت المدينة معسكرا عظيما.
ولكن الرئيس يعوزه القواد، وإنه ليطيل التفكير فيمن عساهم يصلحون للقيادة في هذا النضال الهائل. لقد كان على رأس القوات سكوت، وهو شيخ كبير ناهز الخامسة والسبعين، والموقف يتطلب قائدا فتيا يبث من روحه في قلوب جنده ويمشي بهم إلى النصر، ألا بئس ما يفعل لي! لقد رفض ما عرض عليه ثم انضم إلى الثائرين وأصبح أكبر قوادهم.
فكر الرئيس وتدبر، وأخذ يقلب الأمر على وجوهه، والرأي العام من حوله يزيد موقفه صعوبة، فلكل حزب رأي ولكل جماعة فكرة، ولحكام الولايات آراؤهم وإلا توقفوا عن إرسال الجنود.
Página desconocida