الفصل الأول
في تجويز وقوع العلم الضرورى نظريا وبالعكس
أما أن العلم الضرورى هل يجوز وقوعه نظريا (1)؟
فقد قال به القاضى أبو بكر فى بعض أقاويله وجماعة من المتكلمين. ونفاه آخرون.
ومنهم من لم يجوز ذلك فيما كان من العلوم الضرورية شرطا في كمال العقل. وجوزه فيما عداه.
وقد ذهب القاضى أبو بكر إلى هذا التفصيل في قول أخر. وإليه ميل (2) أبى المعالى (3) من أصحابنا.
وأحتج من قال بتجويز ذلك في العلوم الضرورية مطلقا : بأن العلوم من جنس واحد ؛ فما جاز في البعض جاز على الكل ، وقد جاز في بعض العلوم أن تكون نظرية ؛ فكذلك في الباقى (4).
** ولقائل أن يقول :
وإن كانت من جنس واحد ؛ فلا يمنع ذلك من اختلافها ، وتميز كل واحد بتعين غير تعين الآخر.
ومع ذلك فلا يلزم أن ما جاز على أحدهما يجوز على الآخر ؛ لجواز أن يكون ما جاز على أحدهما بسبب تعينه ، أو أن تعين الآخر يكون مانعا منه ، واشتراك العلوم كلها في عارض واحد وهو الإدراك والإحاطة ، أو غير ذلك. غير دال على الاتحاد ؛ إذ لا مانع من اشتراك المختلفات في لازم واحد عام لها.
Página 87