والذي يظهر من حديث جويرية بن أسماء أنه قال مرة العصر ورواه عنه بهذا اللفظ أبو حفص السلمي، وقال مرة الظهر ورواه عنه بهذا اللفظ أبو غسان مالك بن إسماعيل، وأما عبد الله بن محمد بن أسماء فرواه عن عمه جويرية باللفظين فسمعه البخاري من عبد الله على أحدهما وسمعه مسلم وغيره على اللفظ الآخر والله أعلم.
وأما قول المؤلف تبعًا لأبي رية قال ابن حجر بعد ذلك إن البخاري كتبه من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه في تجويز ذلك بخلاف مسلم فإنه يحافظ على اللفظ كثيرًا ولم يجوز مثله لموافقة من وافق مسلمًا على لفظه بخلاف البخاري.
فجوابه أن يقال إن المؤلف وإمامه في الضلال قد تصرفا في بعض كلام الحافظ ابن حجر بما غير لفظه ومعناه، وبيان ذلك من وجهين أحدهما أن الحافظ ابن حجر لم يجزم بأن البخاري رحمه الله تعالى كتب حديث ابن عمر ﵄ من حفظه ولم يراع فيه اللفظ وإنما أبدى ذلك احتمالا كما هو واضح من كلامه في فتح الباري. وقد ساق أبو رية والمؤلف كلام الحافظ ابن حجر مساق الجازم بأن البخاري كتب حديث ابن عمر ﵄ من حفظه ولم يراع اللفظ وهذا خطأ وغلط على الحافظ ابن حجر.
الوجه الثاني أن الحافظ ابن حجر قال بعد أن أبدى احتمالا أن البخاري كتب حديث ابن عمر ﵄ من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه في تجويز ذلك بخلاف مسلم فإِنه يحافظ على اللفظ كثيرًا. قال وإنما لم أجوز عكسه لموافقة من وافق مسلمًا على لفظه بخلاف البخاري.
ومراد الحافظ أنه لا يجوز أن يكون مسلم كتب حديث ابن عمر ﵄ من حفظه كما جوز ذلك على البخاري. وقد أبدل المؤلف وأبو رية قول الحافظ ابن حجر (وإنما لم أجوز عكسه) بقولهما (ولم يجوز مثله) وهذا من قلة أمانتهما في النقل، وكلمتهما تقتضي أن يكون الحافظ ابن حجر لا يجوز مثل ما يجوزه البخاري من الكتابة من الحفظ من غير مراعاة اللفظ. وهذا خطأ وغلط على الحافظ ابن حجر فإِنه إنما أراد ما ذكرته آنفا ولم يرد ما توهمه المؤلف وأبو رية.
وأما قول المؤلف تبعًا لأبي رية وقد بلغ من أمرهم أنهم كانوا يروون الحديث