Zawj Marat Rasas
زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة
Genres
كان يريد أن يلتقي الذي ينتظره، بأي ثمن وأينما كان، مختبئا بأكشاك السجائر، يضاحك الباعة الجنوبيين، بين طلاب المدارس يشتري ساندويتشات الإفطار، والحلوى، نائما تحت أشجار النيم قرب المحطة، متجولا في شوارع الله الفسيحة، يقتل الوقت في المواخير، يضاجع امرأة رخيصة سكرانة، أو يحتسي عرق البلح، في النادي يلعب الورق وهو ينظر الفينة والأخرى لساعته، يلعنه في سره أو يمل الانتظار في الجامع، يؤم المصلين لصلاة العشاء.
هكذا أطلق ساقيه في الدروب، سائبة مشاويره، كماء متسرب من جدول قديم، وجد نفسه عند باب المستشفى العام، دخل، اتجه يمينا، في أول ممر اتجه يمينا نحو أول غرفة فلقي ابنه رياك، ابتدأه متسائلا: هل كنت تنتظرني هنا؟
قال له رياك: ألا تعلم أن أمي مريضة جدا؟
قالت له مليكة أختك كلمتها المحفورة عميقا في غور نفسه: سأظل أشتاق إليك.
ثم ماتت تلك الدينكاوية الحسناء. ها هي الريح الخيرة يا ملوال تأتي بالسحابات الحبلى بماء الحياة الدافئة، مرة أخرى بألحان الصبايا الحالمين، تنزل لتشربها الأرض العطشى فتجري السيول أمام عتبات البيوت، فتحمل لك أخبار الجدات، الأصدقاء، أشجار التك، أسود الأبقار، المدن الساقطة، تحمل إليك كسرة أببا حبيبتك، وهي في المدن البعيدة تنتظر مجيئك، حاملا منجلا بدلا من البندقية، وأنت الآن في الحياة الأخرى تجالس أختك الجميلة الصبية السوداء، ربما لا تتذكران جعفرا، جعفر مختار.
ربما لا تشتاقان لمحمد الناصر في حياتكما تلك، لكن بلا شك ستحمل إليكم مياه السيول أن في المدن الحية مدن الحروب رجلا يصلي دائما من أجلكم، يصلي دائما.
هذا سفر الذي هو: رياك ...
جئت ملتحيا غريبا، متفائلا بما تحمل، وعندما سألك والدك محمد الناصر: أين كنت؟
قلت مزهوا: في معسكر المجاهدين!
ولو أن المفاجأة لم تكن مفاجأة تامة بالنسبة لوالدك إلا أنه ذهل ذهولا كاملا، فتذكر جعفرا، جعفر مختار.
Unknown page