Zahirat Madd Wa Jazr Bihar
ظاهرة مد وجزر البحار في التراث العلمي العربي: مراحل تطور النظريات العلمية التي تفسر ظاهرة المد والجزر في البحار وإسهامات العلماء العرب والمسلمين فيها مع تحقيق مجموعة من المخطوطات العربية المتعلقة بالموضوع
Genres
الماء وبحركة الرياح من أعلى ماء البحر إلى أسفله واتصلت تلك الحركة بالرياح التي في أرض البحر في أرض البحر فترتفع الرياح التي فيها وفي أسفل الماء ليخرج من بعض المواضع فترتفع الريح بحركتها أو ارتفاعها الماء إلى فوق فيتنفس الماء ويعلو ويفيض فيكون منه المد فلا يزال الماء صاعدا محركا متنفسا بتحريك القمر له وبصعوده والريح تحرك الماء أيضا ويرفعه ويخرج تلك الريح أولا فأول ، ويتجلى ويتنفس ما دام القمر صاعدا ذاهبا إلى وسط السماء. فعند ذلك ينتهي منتهى المد منتهاه؛ ولهذه العلة يكون البحر في ابتداء المد رياح عاصفة شديدة، فإذا انحدر القمر من وسط السماء رجع الماء بطبعه إلى موضعه فكان الجزر، فإذا بلغ القمر وتد المغرب ابتدأ المد مقبلا حتى يبلغ القمر إلى وتد الأرض، ثم يجزر الماء إلى أن يبلغ القمر إلى أفق المشرق، فإذا ظهر القمر من الأفق عاد المد إلى مثل ما كان عليه، وأما الذي ذكرنا من حالات أرض البحر والمياه فإنما قلنا ذلك؛ لأن أرض البحر ومياهه مختلفة الحال والمواضع التي تكون غير عميقة ولا صلبة ولا يكون فيها جبال تكون بحارها ورياحها ليست بالكثيرة، والمواضع التي تكون عميقة عريضة طويلة وتكون مياهها غليظة صالحة ومرة فإنها بكبر البحار والرياح في تلك المواضع فلهذه العلة صار ابتداء قوة المد وعلة الماء إنما يكون من كل موضع عميق واسع يكون الغالب على أرضه كثافة الأجزاء أو كثرة الجبال، فإذا ابتدأت قوة المد من جبل هذه المواضع الكثيرة البحار والرماح اللذين فيهما اتصل ذلك بماء البحر
15
فصار فيه كله المد بما فيه من البحار والرياح التي تولدت من ملوحته ومرارته ويبسه، ولما في القمر من الطبع المحرك لذلك الماء بكنهه ولما سال من البحر كله من قوة حركة المياه التي في تلك المواضع التي تكون فيها ابتداء قوة الماء. فإذا كانت أرض البحر قليلة الجبال أو كانت متخلخلة ببعد الماء فيها إلى غيرها من البحار والمواضع، أو كان ذلك الماء يتبين ما ينصب فيه من المياه أو ما يخرج منه أو كان الماء متحركا لطيفا منفعلا كالأودية والأنهار والعيون فإنه لا يكثر اجتماع الرياح فيها، لأنه يتخلل ويتنفس الريح التي في الماء ويخرج جزءا بعد جزء أولا فأول، مع حركة الماء وانتقاله ويتفرق ولا يجتمع في ذلك الماء من الريح ما يرفعه، فإذا علاه القمر وحركه لا يكون فيه المد والجزر ولكن يكون فيه رياح وأمواج؛ فلهذه العلة لا يتبين في كثير من البحار ولا في شيء من الأودية والأنهار والعيون المد والجزر.
وأيضا فإن المياه الجارية لطيفة دقيقة، فإذا حركها القمر واقترب لم يبق فيها تلك الفتورة لرقتها، فإذا تحللت لم يرد ذلك التخلل فيها إلا شيئا قليلا، ولا يكون فيها إلا رياح قليلة جدا.
فأما المياه الغليظة المالحة فإن ملوحتها ومرارتها تكون فيها بيسر ورياح كثيرة فإذا تحركت وفترت وحميت بقيت تلك الفتورة فيها لغلظها وتحللت وزاد ذلك التخلل في ما بينها زيادة كثيرة فكان ذلك سيئا لقوة المد كما ذكرنا.
فأما العلم والابتداء إذا صار القمر إلى المغرب ودوامه إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض فذلك ثلاث جهات:
إحداها خط المشرق مواز لخط
16
المغرب، كل درجة يتباعد القمر من المشرق صاعدا إلى وسط السماء موازية لكل درجة يتباعد القمر منها من المغرب إلى وتد الأرض، ويكون بعد تلك الدرجة من المغرب مثل بعد الدرجة الموازية لها من المشرق، وكان الربع الذي من المشرق إلى وسط السماء موازيا مشاكلا لكل الربع الذي من المغرب إلى وتد الأرض فلا يفارق الربع الذي من الطالع إلى وسط السماء والربع الذي من وتد المغرب إلى وتد الأرض يتفق أن يكون في أحدهما من المد وإقبال الماء من المشرق مثل ما في الآخر. (د) والجهة الثانية أنه يكون مطالع البروج في كل بلد في وسط السماء ووتد الأرض مثل مطالعها في الفلك؛ فلذلك صار القمر إذا بلغ درجة المغرب ويبتدئ المد كما كان ابتداء حيز صار إلى درجة المشرق فلا يزال المد دائما ما دام القمر يتباعد من المغرب إلى أن يبلغ وتد الأرض كما كان دائما حيث تباعد من الشرق إلى أن يبلغ وسط السماء ثم ينتهي المد إذا بلغ إلى وتد الأرض كما كان انتهى حيز بلغ إلى درجة وسط السماء لأن هذين الوتدين (ج) هما المعدلان للمطالع في كل بلد.
والجهة الثالثة أن القمر إذا كان في المشرق والمغرب فهو مد على بعد واحد، فإذا أقبل من المشرق وأقبل المد معه فكلما ارتفع القمر من وسط سمائنا وكان القمر مقبلا إلى أن يبلغ وسط السماء فكذلك إذا أقبل إلينا من المغرب يكون ابتداء المد أيضا، فلا يزال كذلك إلى أن يصير إلى موازاة خط وسط السماء وهو وتد الأرض فينتهي المد منتهاه. فأما الجزر فإنه يكون في الربع الثاني والرابع المقابلين لأن أحدهما مواز
Unknown page