معي سيجعلكن القات سلاطين زمانكن.» فطلبت النساء من بروسي أن يحضر لهن أوراق القات، وكان ينظر بدهشة إلى مسيرة جماهيرية مليونية. تساءل: هل تلك الحشود آليون مثلنا؟ فضحك مروان عاليا، وقال له: والله إنك «زنوة». لقد وصفتهم أدق وصف، هيا أحضر حقي القات، دعني «اكيف» بجانب حورياتي، فاليوم عرفت أنني كنت آليا بشريا.
قالت سناء، وهي تمسح رأس مروان وهو لا يزال يضحك: لا، لم تكن آلة؛ بل كانت النرجسية الجماعية تتقمصكم وتجمعكم.
لم يفهم مروان ماذا تعني بالنرجسية الجماعية، وضحت سناء له بأنها هي التباهي بشيء يجمعكم للمصلحة الشخصية، تقولون مثلا: نحن رائعون، أخيار، ديننا أفضل من كل الأديان الأخرى .. وهي: قومية، سياسية، دينية، وعرقية.
اندهشت النسوة حين شاهدن حشدا هائلا من الناس ، تساءلت سناء عن تجمع ذلك العدد من البشر في مكان واحد، ولماذا يدورون حول ذلك المنزل المكسو بالثياب السوداء وفي وسطه حزام مذهب؟ اتسعت عينا مروان دهشة، وقال: ماذا تقولين يا حوريتي الصغيرة؟ ألم تسمعوا عن الحج إلى مكة؟! - لا! وما ذلك الحج؟!
صمت مروان مذهولا. أعقب مشهد الحج مشهد آخر، وهو حشد كبير في ميدان السبعين للرئيس الأسبق، وهو يخطب أمام الجماهير. سألت سناء: وهل ذلك يعتبر حجا مثل الحج إلى ذلك البيت أيضا؟!
لطم جبينه وهو يحدث نفسه: «لماذا لم أغضب لعقيدتي؟! هل هذا اللقاح أبعدني عن عقيدتي؟!» سألته مريانا عما تعني كلمة عقيدة، فقام مروان من مكانه، وقبل شفتيها بقوة، وقال: «أما أنت لا أدري كيف تقرئين أفكاري؟!»
9
توقفت النسوة عن مشاهدة فيلم ذكريات مروان، وذهبن للاغتسال معا بصحبته، ومن ثم ذهبوا للتحليق في سماء المتعة، ثم خلدوا إلى النوم. قام الساعة العاشرة صباحا، وهو يشعر بالجوع، دعا بروسي ليحضر له الطعام إلى فراشه، فقال بروسي: «حاضر يا أهبل.» حك مروان رأسه وصمت عن الشتيمة.
أحضر الطعام إلى الصالة، ووضعه على الطاولة، ونادى على مروان: لقد أحضرت لك الطعام. - لماذا لا تحضره إلى غرفة النوم؟ - لست معتادا على مخالفة النظام يا «زنوة». - لماذا ناديتني يا «زنوة»؟ - لأسعدك بها؛ وجدتك تضحك، وأنت تنطق هذه الكلمة. أليس كذلك؟
صمت مروان وراح يتناول طعامه. ثم جلس أمام النافذة يشاهد المدينة الساحرة. رأى أسراب الصحون الطائرة تحلق في الجو، وشاشات عملاقة في الجو، وعدة أقواس قزح على سماء المدينة، دون أن يكون هناك مطر. ثم فكر في أسرته، فقطرت دمعة على خده. رآها بروسي فقال له: «هل تبكي يا كريم؟ هل عدت طفلا؟!»
Unknown page