رد مروان بأن عمره خمسة وأربعون عاما. مما أضحك النسوة جميعا. قالت سريانا: لقد نسيت كم كتب في شهادة خروجك من المشفى، 560 عاما.
7
جلسوا يشاهدون فيلما حيا عن ذكريات مروان، يعرض في شاشة معلقة في جو الصالة. شعر مروان كأنه يقرأ كتابه بيمينه يوم القيامة، وهو يشاهد حميدة تنظف الصحون في المطبخ .. حدث نفسه: «الحمد لله أنها ظهرت في المطبخ، وليس في غرفة النوم.» ثم أخذ يشير ويقول : هذه زوجتي حميدة. ثم ظهرت أمه، وهي تصلي، فهتف: «تلك أمي ، يا للروعة!» ثم شاهد ابنه معاوية وهو يدخل غاضبا ويشتم أخاه عليا. قال مروان: «وذاك ابني الأكبر معاوية، تخرج في كلية الآداب لكنه بلا أدب، ارتمى في حضن الحزب الحاكم، دائما هو في شجار مع أخيه علي.» ظهر منير، فضحك مروان وقال: ذاك خطيب ابنتي منير سالم، وافقت على خطبته من ابنتي فاطمة رغم أنه من حزب تقدمي، كنا نراهم خارجين عن دين الله وأعداءنا، لكننا تحالفنا معهم للمصلحة الشخصية، وليس لما يقتضي مصلحة الدين.
ضحكت النساء وهن يشاهدن حميدة في المطبخ البدائي، واللباس والأثاث .. ثم شاهدوا الأسرة كلها وهم يتناولون وجبة الغداء: سلته، لحم، أرز، رغيف .. وأخذ مروان يشير إلى كل واحد منهم: ذاك عمر، نبيل، والتوءمان سالم وسليم، وتلك ابنتي فاطمة، مات زوجها في جوار الإذاعة وهو يدافع عن ثورة التغيير في مسيرة الشباب 2011م، ثم شاهدوا سوبر ماركت كبيرا، وضحكت النسوة من عملية دفع ثمن الأشياء والعملة الورقية. قال مروان وهو يضحك: «ذلك متجري، افتتحته من غنائم حرب الانفصال التي شاركت فيها.» ثم عرضت الشاشة غرفة نومه، وهو يخلع ثيابه، وأمامه زوجته حميدة تخلع ثيابها أيضا، فلطم ناصيته دهشة وهو يقول: «الله الله الله!» ثم شاهد نفسه في لقاء حميمي مع زوجته حميدة على الفراش .. أخذ يغطي عينيه، والنسوة تتفرج على طريقة اللقاء الغريبة، تظهر فيها حميدة تحت ثقل مروان .. انتقلن سريعا حسب طلب مروان لمشاهدة مشهد آخر، ظهر فيه معسكر «الفرقة» يقصف بالمدافع من فوق جبال عطان القريب من سكنه. أناس وهي تخبره عن سقوط الفرقة بيد الحوثين، هروب قائد الفرقة .. سمعت النساء صوت مروان، وهو يقول بأسى: «انتهى حزب الإصلاح، لقد تآمروا علينا، أدخلوا الحوثيين لضربنا.» سألته فرح: لماذا تتقاتلون؟! - للسيطرة على الحكم. - لماذا لا تكون الديمقراطية هي خياركم؟! - الشورى هي مبدأ الإسلام في الحكم، لكن لا نعمل بها، فهي غير مناسبة لمن يمتلك القوة، بل يتخذها شعارا زائفا. - ماذا ستعمل لو كنت أنت رئيسا في زمانك؟ - كنت سأقتل كل من يعارضني .. سأتخذ جواري من الحسان سرا. سآخذ ما أشاء من ثروات البلاد، وأشتري القصور في خارج البلاد، وسأعمل ديموقراطية صورية لأظل على كرسي الحكم مدى الحياة، ثم أورث الحكم لأحد أولادي، من هو أشد فتكا بالخصوم، سأتحالف مع أي قوة تبقيني على عرشي.
اندهشت النسوة مما يقوله مروان، كما اندهش هو لقول الحقيقة كاملة، وراحت مريانا تصفق لنجاح لقاح الأديان فيه.
8
بقيت النساء تشاهد مشاهد أخرى من فيلم ذاكرة مروان. إحدى مسيرات ثورة 2011م، ثورة الشباب السلمية في شارع الستين .. قال مروان: «يا حورياتي لم أكن أدري أنني كنت ثورا يحرث به إلا الآن.» حتى ابنتي فاطمة كنت آمرها أن تشارك في المسيرات النسائية، التي تخرج تهتف لإسقاط النظام.
شاهدت النسوة قتلى بأكفانهم في طابور طويل. قال بحزن: «هؤلاء هم ضحايا الصراع على كرسي الحكم، كنت أرى أن قتلانا في الجنة، وقتلى النظام في النار.» ظهرت صورة الرئيس الأسبق، فهتف مروان: «هذا رئيس بلادنا، انقلبنا عليه باسم ثورة التغيير، بعد أن أقصى حلفاءه من الشراكة معه في الحكم. تزوج اليمن ثلاثة وثلاثين عاما ولم يكتف، وأراد أن يزوجها لابنه، نصحناه: «ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم»، فلم يسمع للنصح.»
طلب مروان أوراق الشاي لمضغها، وطلبت النساء شايا أخضر. قال وهو يضحك: «هيا خزنين
1
Unknown page