هذه هي شريعتي، وأنا أقولها لكم ولأولادكم، وهم يقولونها لأولادهم حتى تنفق كنوز الزمان وتضمحل خزائن الأجيال.
وفي يوم ثان قال لنا: لا تكن وحدك في حياتك لأنك تعيش في أعمال الآخرين، وهم إن جهلوا يعيشون معك سحابة أيامك.
إنهم لا يقترفون جريمة من غير أن تكون يدك مع أيديهم.
وهم لا يسقطون من غير أن تسقط معهم، ولا ينهضون إلا وأنت تنهض معهم.
إن طريقهم إلى المقدس هي طريقك، وإذا نشزوا إلى قفر السقوط فأنت أيضا ناشز معهم.
أنت وقريبك بزرتان مزروعتان في حقل واحد. وأنتما تنموان معا وتتموجان معا أمام الريح، ولكن لا يستطيع أحدكما أن يدعي ملكية الحقل؛ لأن البزرة السائرة إلى النماء لا تقدر أن تدعي حتى ولا ملكية وجدها وافتتانها.
اليوم أنا معكم ، ولكنني غدا أمضي إلى الغرب، غير أنني قبل أن أمضي أقول لكم: إن جاركم هو ذاتكم غير المعروفة، تتجسد أمامكم لتصير منظورة. فانشدوه بمحبة لتعرفوا أنفسكم؛ لأنكم بهذه المعرفة فقط تستطيعون أن تكونوا إخوة لي.
ثم جاء خريف آلامه.
فخاطبنا عن الحرية، كما كان يخاطبنا في الجليل في ربيع إنشاده، ولكن كلماته في هذه المرة كانت تنشد أعمق أعماق فهمنا.
فكان يتكلم عن الأوراق التي لا تنشد أناشيدها إلا إذا حركتها الرياح. وعن الإنسان مشبها إياه بكأس يملأها ملاك الخدمة اليوم لتبرد عطش ملاك آخر. ومع ذلك فسواء كانت هذه الكأس ممتلئة أو فارغة فإنها تظل لامعة ببلورها على مائدة العلي القدير.
Unknown page