عمتي في صباها
قد تركتنا عمتي في صباها لتعيش في كوخ قريب من كرم قديم لوالدها.
وكانت تعيش وحدها، وكان أبناء المزارع المجاورة يأتون إليها في أمراضهم، وكانت تشفيهم بالأعشاب الخضراء، وبالجذور والأزهار اليابسة في الشمس.
وكانوا يحسبونها نبية، ولكن فريقا من الناس دعوها عرافة ومشعوذة. وفي أحد الأيام قال لي والدي: خذي هذه الأرغفة من خبز الحنطة إلى أختي، وهذه الجرة من الخمر والسلة من الزبيب.
فوضعت كل هذا على ظهر حمار، وسرت في طريقي حتى بلغت الكرم، ووصلت إلى كوخ عمتي، ففرحت برؤيتي جدا.
فيما نحن جلوس في فيء النهار مر بنا رجل على الطريق، وحيا عمتي قائلا: نعمت مساء، ولتحل عليك بركة الليل.
فنهضت للحال ووقفت أمامه إجلالا واحتراما وقالت: ونعمت مساء يا سيد جميع الأرواح الصالحة وغالب جميع الأرواح الشريرة.
فنظر إليها الرجل بعينين تذوبان رقة وسار في طريقه.
أما أنا فضحكت في قلبي؛ لأني ظننت أن عمتي مجنونة، ولكنني أعرف اليوم أنها لم تكن مجنونة؛ لأنني أنا هي التي لم تفهم.
وقد علمت بضحكي، مع أنه كان مخفيا في قلبي.
Unknown page