Wujuda Diniyya
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Genres
21
لا بد من البحث عن اهتمام أعمق منها جميعا، أبعد وأبقى وأقدر على إشباع كل الاحتياجات الروحية، اهتمام قصي حقيقة، بمطلق لا متناه غير مشروط؛ واهتمام من هذا النمط لا بد أن يقود إلى المستوى الفائق للوجود، إلى الوجود ذاته - أي إلى الألوهية. معنى هذا أن الإيمان الديني هو فقط الاهتمام القصي الأمثل لكل إنسان، وكل اهتمام قصي عدا الإيمان زيف ووهم؛ إذ يقود إلى موضوعات دنيوية؛ أي زائلة، فكيف تكون قصية؟!
إن ديناميات الإيمان الديني هي عينها ديناميات الاهتمام القصي، والإيمان بوصفه اهتماما قصيا هو فعل للشخصية ككل
total personality ، يحدث في مركز حياة الشخص، ويتضمن كل عناصرها، فيشارك في ديناميات الحياة الشخصية،
22
محققا شجاعة الكينونة بقطبيها: الفردانية والمشاركة؛ لأن مصطلح «الاهتمام القصي» يوجد بين الجانبين الذاتي والموضوعي لفعل الإيمان، ذاتي من حيث هو مركزي للشخصية، وموضوعي من حيث إن فعل الإيمان يتجه إلى القصي ذاته.
23
هكذا يحدد الموقف الوجودي للفرد، فما هو الإيمان بالدين؟ هو اكتشاف أن كل شيء في حياة الفرد له مغزاه وقيمته، على قدر ما يتصل بالوجود الفائق المتعالي - بالرب.
وحين يعرف الإيمان بأنه الاهتمام القصي، سوف يكتسب ديناميكية تجعله أبعد ما يكون عن الثبوتية المقترنة بالدين التقليدي، «وقد يبدو أن المفهوم الديناميكي للإيمان لا يتيح مجالا للثقة التوكيدية المريحة التي نجدها في مواثيق الأديان الكبرى، بما فيها المسيحية؛ لكن ليس هذا هو الحال، المفهوم الديناميكي للإيمان نتيجة لتحليل المفاهيم لكلا الجانبين الذاتي والموضوعي للإيمان؛ إنه بالتأكيد وصف لحالة متحققة دائما للعقل، وتحليل للبنية، وهذا ليس وصفا لحالة الأشياء»
24
Unknown page