وفجأة سكت الواعظ عن الكلام. ثم مد يديه وصاح فجأة بطبقة صوته التينور الرائعة ملقيا الترنيمة الصاخبة بإيقاعها الحماسي الأشبه بإيقاع معزوفات المسيرات والفرق الموسيقية العسكرية: [مقطوعة موسيقية: تعالوا أيها الخطاة، والفقراء والمحتاجين،
أيها الضعفاء والجرحى والمرضى والموجوعين،
يسوع واقف مستعدا ليخلصكم،
مفعما بالشفقة والحب والقوة.]
وانضم إليه كل المرنمين. كان كل واحد منهم يعرف الكلمات واللحن. وبدا أن الغناء بأعلى صوت يخلصهم من المشاعر المكبوتة. ورفع أفراد الجوقة أصواتهم كأنهم في مسيرة نصر : [مقطوعة موسيقية: الجئوا إلى الرب، واطلبوا الخلاص،
سبحوا باسمه العزيز بعلو صوتكم،
العظمة والشرف والخلاص،
لقد أتى يسوع الرب ليسود.]
وبينما كان المصلون يرنمون، حث الواعظ بنبرة جهورية الخطاة على البحث عن الرب ما داموا لم يجدوه بعد.
شعر ييتس برعشة إثارة في الأجواء، وشد ياقته كما لو كان يختنق. لم يستطع أن يفهم هذه النشوة الروحانية الغريبة التي حلت عليه. بدا وكأنه يجب أن يصرخ بعلو صوته. وكان كل من حوله متأثرين أشد التأثر. لم يعد يوجد آنذاك أي متهكمين في مؤخرة الغرفة. فقد بدا معظمهم خائفا وظلوا ينظرون أحدهم إلى الآخر. لم يكن الأمر يحتاج إلا إلى بداية وكانت دكة التائبين ستكتظ بلا شك. كانت عيون كثيرة مسلطة على ماكدونالد. كان وجهه غاضبا، وكان جبينه يتصبب عرقا غزيرا. قبضت يده القوية على ظهر المقعد الذي أمامه، وبرزت العضلات في الجزء المكشوف من ذراعه. كان يحدق في الواعظ كرجل منوم مغناطيسيا. وكان صفا أسنانه مطبقين بعضهما على بعض، فيما كان يتنفس بصعوبة، كما يتنفس شخص منهمك في صراع. وأخيرا، بدت يد الواعظ موجهة إليه مباشرة. فنهض مرتجفا على قدميه، وسار مترنحا في الممر نحو دكة التائبين، ثم ارتمى بجوارها جاثيا وواضعا رأسه على ذراعيه، وهو يئن بعلو صوته.
Unknown page