لم يكن ثمة شك في أن ييتس عادة ما كان ينسجم مع الناس. وبينما كان ينظر إلى رفيقته، ابتهج حين لاحظ طيفا طفيفا للغاية من الابتسامة يداعب شفتيها. وقبل أن تستطيع الرد عليه، إن كانت تعتزم الرد أصلا، سمع صوت قعقعة حوافر سريعة على الطريق الوعر أمامهما، وبعدها مباشرة جاءت عربة فخمة ذات حصانين، كانت أسلاك عجلاتها الرفيعة المصقولة السوداء كالفحم تلمع وتتلألأ في ضوء الشمس، مسرعة متخطية عربة بارتليت. وحين رأى سائق تلك العربة المسرعة الاثنين يتمشيان معا، شد اللجام متوقفا وقفة مفاجئة كان من الواضح أنها لم تسر حصانيه الجامحين المرقطين.
صاح قائلا: «مرحبا مارجريت! هل تأخرت عليك؟ هل قطعت الطريق كله سيرا؟»
أجابت الفتاة دون أن تنظر نحو ييتس، الذي وقف يلف عصاه بلا هدف: «بل جئت في الوقت المناسب تماما.» وضعت الفتاة الشابة قدمها على دواسة الارتقاء إلى العربة ووثبت بخفة إلى جوار السائق. كان جليا من النظرة الأولى أن ذلك السائق كان شقيقها، ليس فقط بسبب التشابه الأسري بينهما، بل أيضا لأنه تركها تركب العربة دون أن يعرض عليها أدنى مساعدة، والتي لم يكن ثمة حاجة إليها في الواقع، ولأنه سمح لها بلطف بأن تضع طرف المعطف الواقي من الغبار الذي كان يغطي ركبتيه على حجرها كذلك. هرول الحصانان المتململان خببا على الطريق لبضع قصبات، حتى وصلا إلى مكان واسع من الطريق العام، ثم دارا فجأة في الاتجاه المعاكس، وبدا أنهما كادا يقلبان العربة، لكن الشاب بدا على دراية تامة بعمله، وثبتهما بقبضة متينة. كانت عربة الشاب تسير ببطء حيث كان الطريق ضيقا جدا، فيما توقف بارتليت بحصانيه في بلادة في منتصف الطريق أمامها.
صاح الشاب الذي يقود العربة: «أيا بارتليت! الزم أحد جانبي الطريق، كما تعرف؛ أحد جانبي الطريق.»
صاح بارتليت من فوق كتفه: «اصبر.» «دعك من هذا الهراء يا بارتليت، أفسح الطريق وإلا سأصدمك.» «فلتجرب ذلك إذن.»
إما أن بارتليت لم يكن لديه حس فكاهي، أو أن استياءه من جاره الشاب خنق ذلك الحس داخله، وإلا كان سيدرك أن عربة ثقيلة كعربته لم تكن مهددة تماما بأن تصدمها عربة خفيفة غالية كعربة الشاب. كظم الشاب غضبه على نحو رائع، لكنه كان يعلم تماما أين يلمس الوتر الحساس لدى الرجل العجوز. وضعت أخته يدها على ذراعه بأسلوب استعطافي. فابتسم دون أن يلتفت إليها. «دعك من هذا الهراء، أفسح الطريق وإلا سأبلغ عنك الشرطة.»
صاح بارتليت غاضبا: «الشرطة! فلتجرب ذلك إذن أيها المخادع.» «ظننتك قد اكتفيت من ذلك الآن.»
اعترضت الفتاة بضيق شديد قائلة: «إياك، إياك يا هنري!».
صاح بارتليت: «لا قانون في الدنيا يستطيع أن يجعل رجلا ذا حمولة يفسح الطريق لأي سبب.» «ليس معك أي حمولة، إلا إذا كانت في هذه الجرة.»
وهنا ذعر ييتس عندما رأى أن الجرة قد اهتزت حتى خرجت من تحت غطائها، لكن عزاءه هو أن راكبي العربة كانا يعتقدان أنها تخص بارتليت. ومع ذلك، رأى أن إصرار بارتليت العنيد على منعهما من شيء لا يفيده قد جاوز المدى. فخطا بسرعة إلى الأمام، وقال لبارليت: «من الأفضل أن تتنحى جانبا قليلا، وتتركهما يمران.»
Unknown page