الايجاب علة تامة في الملك، إلا أن الاجماع قام على كونه بعد رد الموصى له ملكا للوارث - هو القول الثالث، فالقول بالكشف مخالف للأصل والاطلاقات، فإن تم ما ذكروا له من الدليل، وإلا فيؤخذ بالثاني إن تمت الاطلاقات، وإلا فلا مناص عن القول الأول وهو المعتمد، لأن حاصل ما اعتمدوه في الكشف أمور:
الأول: ما ذكره جماعة - منهم الوحيد البهبهاني على ما حكى عنه سيد الرياض -: أن مقتضى الايجاب هو انتقال الملك عقيب الموت بلا فصل، والقبول إنما وقع على هذا الايجاب (11) لا إيجاب آخر، ووقوعه على بعض الأزمنة المتأخرة بديهي الفساد.
وفيه: أن الكلام في السبب الشرعي الذي يترتب عليه الملك، ولا يعقل انفصاله وانفكاكه عنه بتقدم أو تأخر، فإن ثبت أنه الايجاب المجرد - على ما يتراءى من ظواهر إطلاق نفوذ الوصية وحرمة تبديلها - فهو دليل آخر سيجئ، ولا يحتاج معه إلى ما ذكر دليلا آخر من أن القبول متعلق بمدلول الايجاب الذي هو الملك عقيب الموت (12).
وإن لم يثبت ذلك كان مقتضى أدلة وجوب الوفاء بالعقود ترتب الأثر من حين صدق العقد وإن كان مدلول العقد سابقا على ذلك، ولذا لم يكن القبول في سائر العقود كاشفا عن الملك من حين الايجاب، مع أنه دال على الرضى بالايجاب السابق.
ومنشأ توهم الفرق يحتمل كون التمليك في الوصية مؤقتا بالموت،
Page 33