وشيئا فشيئا، كانت الممتلكات والمنقولات في منزل موريس تختفي وتذهب إلى مكتب الرهونات. وكالعادة، لا تأتي المصائب فرادى. مرض الصبي وبدا موريس نفسه عاجزا عن مقاومة إغراءات حانة ريد لايون. وأخذت المرأة التعيسة ولدها إلى طبيب الأبرشية، الذي كان في غاية الانشغال، لكنه اهتم بحالة الصبي قدر استطاعته. وقال بأن كل ما يحتاجه الصبي هو طعام مغذ والتعرض لهواء الريف العليل. تنفست السيدة موريس الصعداء، وقررت أن تأخذ الصبي الصغير إلى المتنزه مرات أكثر، لكن الطريق كان طويلا، وكان تعب الصبي ووهنه يزداد يوما بعد يوم.
وفي النهاية نجحت في إقناع زوجها بالانتباه إلى حالة الصبي الصغير. ووافق على أخذ الصبي إلى الطبيب بصحبتها.
قالت السيدة موريس متذمرة: «لا يبدو أن الطبيب يلقي بالا إلى ما أقول. ربما سيولي الاهتمام إلى رجل مثله.»
لم يكن موريس بطبيعته عبوسا نكد المزاج، لكن خيبة الأمل سرعان ما كانت تحوله إلى ذلك. لم يقل موريس شيئا، لكنه أخذ الصبي بين ذراعيه وذهب إلى الطبيب وتبعته زوجته.
قال الطبيب محاولا أن يبرهن على أنه أولى حالة الصبي اهتماما أكبر مما يخيل إلى السيدة موريس: «جاء هذا الصبي هنا من قبل. وقد ساءت حالته كثيرا. عليك أن تأخذه إلى الريف وإلا فسيموت.»
سأله موريس متجهما: «كيف يمكنني أن أنقله إلى الريف؟ أنا عاطل عن العمل منذ عدة شهور.» «ألديك أصدقاء في الريف؟» «لا.» «أليس لدى زوجتك أي أصدقاء في الريف يمكنهم أن يستقبلوها والصبي لشهر أو نحوه؟» «لا.» «ألديك أي شيء لترهنه؟» «القليل جدا.» «أنصحك إذن أن ترهن كل ما تملك، أو بعه إذا أمكنك، وخذ الصبي على ظهرك واذهب به إلى الريف ولو سيرا. من المحتمل أن يكون حصولك على وظيفة هناك أسهل منه في المدينة هنا. وإليك عشرة شلنات على سبيل المساعدة.»
قال موريس بنبرة صارمة: «لا أريد مالك، إنما أريد عملا.» «ليس لدي فرصة عمل لك؛ ولذا أعطيك ما معي من مال. وليس لدي الكثير منه. لا تكن أحمق وترفض ما يأتيك من رزق.»
ومن دون أن يجيبه موريس، أخذ ابنه بين ذراعيه ورحل.
قال الطبيب إلى السيدة موريس: «إليك زجاجة دواء مقو من أجل الصغير.»
ووضع قطعة النقود التي تساوي عشرة شلنات على الزجاجة بينما كان يعطيها إياها. شكرته في صمت بعينيها الدامعتين، آملة أن يأتي الوقت الذي تستطيع فيه أن ترد إليه ماله. كان لدى الطبيب ما يكفي من الخبرة لكي يصنفهما ضمن زائريه غير الاعتياديين. ولم يكن من عادته أن يمنح العملات الذهبية جزافا.
Unknown page