238

Wahy Baghdad

وحي بغداد

Genres

وبدأ الشاعر فتحدث عن المازني، المازني العظيم، فأنشدنا أبياتا قالها فيه، وهو يشبه أدبه بشراب التوت، وما أدري ما شراب التوت، ولكن هكذا قال.

ثم أمر الشاعر فتاه بأن يحضر كتابه عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وألح الشاعر في أن ألقي نظرة على ذلك الكتاب، وهو مخطوط في عشرة كراريس، وكنت قضيت ساعة في هدوء، فلما وقع بصري على بعض فقرات الكتاب ثرت ثورة عنيفة، وانطلقت أجادله بلا ترفق ولا تلطف.

وقابل الشاعر ثورتي بأدب رائع دلني على أنه من أقطاب العقل، ثم قال: انتظر فسنلتقي بعد عشرة أيام في بغداد.

وكان معنى ذلك أنه سيفارق الفلوجة يوم ينتخب عضوا في مجلس النواب. •••

وبعد أيام أقام لي أفاضل الأدباء في بغداد حفلة تكريم، وفي طريقي إلى مكان الحفلة اشتريت جريدة الاستقلال فرأيت في صدرها قصيدة رائعة أراد بها الرصافي أن يسبق أهل بغداد إلى تكريمي، وكذلك يكون الذوق في إكرام الضيف.

ولم يقف الرجل عند هذا الحد؛ بل تجشم الانتقال إلى كلية الحقوق ليسمع إحدى محاضراتي، ثم جاء للسؤال عني في منزلي مرتين، وعرض علي أن أقرأ كتابه عن الرسول وأدون ما أشاء من الملاحظات، فاعتذرت بضيق الوقت، وبالغ في اللطف فدعاني إلى التشرف بزيارته كلما شئت، ولكن شواغلي حرمتني من لطفه فلم أزره في منزله غير ثلاث مرات، ثم يئس من وفائي فلم يعد يسأل عني.

فمن هو الرصافي؟

هو مجموعة طريفة من العقل والأدب والذوق والذكاء.

هو صورة صادقة للروح البغدادي، الروح المرح الطروب.

هو عنوان الرجولة الصريحة التي تمقت الكذب والرياء.

Unknown page