ولكن يبدو لي أن إيماننا لا خوف عليه، فأنا مطمئن إلى أن المسلمين هم في الأغلب مؤمنون.
غير أني وقد اختبرت نفسي أشعر بأننا في حاجة شديدة إلى النظر في الآية الآتية:
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم .
فهذه آية يجب أن ترقم على كل مكان لأراها ويراها أمثالي من المساكين، فكل إنسان في هذه الأرض يحب أن يكون له في الناس رأي، ويزعجني أن أقرر أنه يؤذينا أن تحسن آراؤنا في الناس، وقد جربت ذلك، ولكم أن تجربوه، فما ذكرت إنسانا بالخير في حديث أو مقال أو كتاب إلا كان ذلك كافيا لقيام ثورة عنيفة لتصحيح ما أخطأت فيه، ولا ذكرت إنسانا بالشر في حديث أو مقال أو كتاب إلا رأيت من يثني على أدبي ويصفني بالجرأة والشجاعة والعبقرية.
فما سر ذلك؟ لذلك تأويل، ولكنه يفضح بني آدم، وتأويل ذلك أن الناس يتوهمون أن حسن السيرة والسمعة إذا تم لرجل كان فرصة لانتهاب الخير من أيديهم ، وهم مخطئون أبشع الخطأ، فالله عز شأنه خلق من الخيرات والثمرات أضعاف ما خلق من الإنسان والطير والحيوان، ولا تزال في الأرض والأشجار والأنهار والبحار خيرات منسية تنتظر من يكشف عنها الغطاء.
والشجرة لا تثمر مرة واحدة، وإنما تؤتي أكلها في كل حين.
والأنهار لا تفيض مرة واحدة، وإنما تحفظ أدبها مع بارئها فتفيض بمواعيد على مر السنين والأجيال.
والأرض لا تجدب إلا إن غفلنا عنها أو زهدنا فيها.
والفكر لا ينضب إلا إن أغفلناه.
فما الذي يوجب هذا التطاحن البغيض يا بني آدم؟
Unknown page