أنت رجوت أن يكون الناس حكماء، وما استطعت أن تكون حكيما.
أنت رجوت أن يضبط الناس ألسنتهم، ثم عجزت عن ضبط لسانك.
أنت عشت في قرية صغيرة ولم يسلم عقلك من الفتون، فكيف رجوت السلامة لمن عاشوا في كبريات المدائن، وصارعوا فواتك الأهواء؟ •••
أما بعد، فأنا أشهد أن المعري كان رجلا عظيما، بدليل أنه عاش نحو ألف سنة على ألسنة الناس في المشرقين والمغربين، ولو كان حقيرا لمات يوم مات.
والمعري له أخطاء لا تحتملها الملائكة ولا الشياطين، وله عندي عذر مقبول، فقد كان على عظمته شخصا من بني آدم، آدم المسكين الذي أغوته امرأة حمقاء فنزل إلى الأرض بعد أن كان يسكن فراديس الجنان.
عفا الله عنك يا أبا العلاء وعفا عني!
الفصل الخامس والأربعون
في ضيافة القرآن1
سيداتي، سادتي
أرجو أن تلقوني بقلوبكم قبل أسماعكم، إن كان فيكم من يندم على ذنوبه كما أندم على ذنوبي، أرجو أن نقضي لحظات في ضيافة القرآن فهذه الأيام هي أصلح الأوقات للتشرف بضيافة القرآن، وإنما كانت كذلك لأن الخطايا أثقلت كواهلنا، والمريض هو أعرف الناس بفضل الطبيب، وقد آن أن نرجع إلى القرآن كلما دهمتنا ظلمات الذنوب، فهو يهدينا برفق وعطف، ويوجهنا إلى الخير بلطف وحنان.
Unknown page