وفي أكتوبر أيضا تلقى الدكتور نوح برقية تقول: «وصلت اليوم. توقيع خالد.» وحملتها إليه فطار فرحا، كان خالد هو ابنه الجديد، وقد رزق به بعد رانده ورحاب، فأرسل يستدعي أسرته إلى لندن، ولم تمض شهور حتى حضرت الأسرة، وأقامت في شقة في وسط لندن في شارع اسمه إيفلين جاردنز، وصرنا نتزاور وتوثقت العلاقة الأسرية، كما انتقل محمد مصطفى رضوان إلى غرفة مستقلة مع زوجته هدى نصر، ورزقا في العام التالي بفتاة أسمياها داليا، وما إن حل عام 1968م حتى كانت كل أسرة قد استقلت واستقرت، وانتقلنا نحن إلى شقة في المنزل الذي كان يشار إليه أيضا باسم
The Garden House
في شارع بوثويل
Bothweel ، في حي فولام
Fulham .
4
كان المشرف دائم السؤال عن الرسالة، ولم يستطع أن يدرك أبدا أن النكسة السياسية قد تسببت في نكسة عامة أصابت المصريين جميعا، وكنا نتابع أخبار الوطن على البعد، ونحاول أن نعزل أنفسنا فلا نستطيع، لكننا بذلنا جهدا كبيرا في سبيل ذلك؛ إذ تركت نهاد العمل، وعدت للرسالة أحاول تعويض ما فات، لكن التغير في موقفي من الحياة الإنجليزية - خصوصا على المستوى العام - كان قد بدأ يتضح في سلوكي وفي قراءاتي، فأصبحت لا أصدق كل ما أقرأ، وتحديدا في أجهزة الإعلام، وأصبحت أومن بضرورة إعادة النظر في كل ما كنت قد بهرت به في عامي الأول، وكانت تلك عملية مراجعة مستمرة لم تتوقف حتى الآن، وقد مر بي حادث ترك أثره العميق في نفسي، وأكد على ضرورة التريث والتمهل قبل تصديق أي شيء، ولو كان ذلك يتخذ صورة «نتائج علمية» وبخاصة في العلوم الإنسانية.
بدأ الحادث باعتراف أحد أساتذة علم النفس الاجتماعي بأنه زور المادة الإحصائية التي استند إليها في إصدار أحكامه على المستويات الذهنية والنفسية لفئات مختلفة من سكان بريطانيا (وقد روى الحادثة الدكتور زكي نجيب محمود تفصيلا فيما بعد في مقال نشره بالأهرام)؛ ومن ثم اشتعل الجدل حول مصداقية منهج الإحصاء، وامتد إلى صحة وموثوقية (validity and reliability)
الاختبارات النفسية واختبارات معدلات الذكاء (Intelligence Quotient)
وأسهبت الصحف، وبخاصة صحف الأحد، في تحليل دلالة ذلك التزوير ومدى تدخل التحيزات السياسية والدينية والعرقية في الأحكام التي يصدرها «العلماء» على الزنوج مثلا أو على الأيرلنديين.
Unknown page