قال: لصهيب ابن يكنى به؟!
قال الناس: إنه يكنى أبا يحيى، وإنه يطعم الطعام الكثير، كما كان أجواد العرب من قومه يفعلون.
قال عمر: وإن صهيبا لمن العرب؟
قالوا: بذلك يحدثنا. فسكت عمر ولم يقل شيئا، حتى إذا كان ذات يوم في المسجد والناس من حوله كثير وفيهم صهيب، دعاه إليه وقال له: ما لك تكنى أبا يحيى وليس لك ولد، وتقول إنك من العرب وأنت رجل من الروم، وتطعم الطعام الكثير وذلك سرف في المال؟!
فقال صهيب: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كناني أبا يحيى، وأما قولك في النسب وادعائي إلى العرب فإني رجل من النمر بن قاسط من أهل الموصل، ولكن سبيت، سبتني الروم غلاما صغيرا بعد أن عقلت أهلي وقومي وعرفت نسبي، وأما قولك في الطعام وإسرافي فيه؛ فإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كان يقول: «إن خياركم من أطعم الطعام ورد السلام.» فذلك الذي حملني على أن أطعم الطعام. فسكت عنه عمر.
وعاش صهيب ما عاش خير مثل للمسلم كما صوره رسول الله حين قال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.» ولم يكن يعطي الناس من نفسه إلا خيرا، كان يجود عليهم بماله وعلمه جميعا، لا يتحفظ في الجود بالمال، ولا يتحفظ في الجود بالعلم، إلا بواحدة، كان شأنه فيها شأن الخيار
Unknown page