الأفعال التي يعلم العقل أن الله فعلها المصدر الأول لمعرفة أفعال الله تعالى فينا هو العقل. وتوجد كثير من الأمور التي يمكن للعقل أن يجزم أن الله تعالى هو فاعلها، أو أنه تعالى سيفعلها؛ وذلك نحو كل مما يلي:
1. خلق الأجسام والأعراض
مما نعلم عقلا أن الله قد فعله هو خلقه الأجسام، وأغلب ما نراه من الأعراض. ذلك أننا بالعقل نثبت أن الفعل لا يكون إلا من قادر مختار. فلا يصح الفعل من الجمادات التي لا تعقل، ولا تعي. فإذا علمنا هذا، فإننا سننفي نسبة أي فعل إلى كل المخلوقات غير القادرة المختارة.
وبالعقل نثبت أن ما حولنا هو أجسام وأعراض؛ ونثبت أن الأجسام وأغلب الأعراض لا يقدر عليها إلا الله تعالى. ونثبت أن الإنسان لا يقدر إلا على الحركة، والخواطر، وبعض الهيئات. وعندها سنعلم أن هذه الأجسام والأعراض خلق لله تعالى.
أما الأفعال التي نشارك فيها، نحو الإنبات والعلاج وغير ذلك فدورنا فيها هو دور المعد، والمهيئ لا غير. فنحن في الإنبات نحرك البذرة، ونحرك التراب، ونحرك الماء، وقد نضيف على التربة بعض المواد، وقد نعالج البذرة بأنواع المعالجة... أما نفس الإنبات فلله تعالى. وكذلك في العلاج، فكل ما نعمله هو تركيب الدواء، أما نفس التأثير الذي يكون للدواء فعائد إلى الله تعالى.
ومعنى كون التأثير عائدا لله، هو أن الخصائص في تلك المخلوقات، إنما جعلها الله تعالى. ثم إنه تعالى مكننا من الاستفادة بهذه الخصائص والتصرف بها حسب ما يمكننا.
أيضا فجميع النعم التي نتنعم بها هي من فعل الله تعالى لأن ليس بمقدور أحد خلقها من العدم سواه. قال الله تعالى { وما بكم من نعمة فمن الله } (النحل:53).
Page 78