Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
الثاني يكون خصوصا للأول فيكون الفصل الثاني وإذا فصل لم يكن خصوصا بل صار معارضا فيكون الفص بينهما وهذا فرع لما مر أن العموم عندنا مثل الخصوص في ايجاب الحكم قطعا ولو احتمل الخصوص متراخيا لما اوجب الحكم قطعا مثل العام الذي لحق الخصوص وعنده هما سواء ولا يوجب واحد منهما الحكم قطعا بخلاف الخصوص الذي مر وليس هذا باختلاف في حكم البيان بل ما كان بيانا محضا صح القول فيه بالتراخي لأن البيان المحض من شرطه محل موصوف بالاجمال والاشتراك ولا يجب العمل مع الاجمال والاشتراك فيحسن القول بتراخي البيان ليكون الابتلاء بالعقد مرة بالفعل مع ذلك أخرى وهذا مجمع عليه وما ليس ببيان خالص محض لكنه تغييرا وتبديل ويحتمل القول بالتراخي بالإجماع على ما نبين إن شاء الله تعالى وانما الاختلاف أن خصوص دليل العموم بيان أو تغيير فعندنا هو تغيير من القطع إلى الاحتمال فيفيد بالوصل مثل الشرط والاستثناء وعنده ليس بتغير لما قلنا هو تقرير فصح موصولا ومفصولا إلا ترى انه يبقى على اصله في الايجاب وقد استدل في هذا الباب بنصوص احتجنا إلى بيان تأويلها منها أن بيان بقرة بني اسرئيل وقع متراخيا وهذا عندنا تقييد المطلق وزيادة على النص فكان نسخا فصح متراخيا لما نبين في بابه إن شاء الله تعالى واحتج بقوله في قصة نوح عليه السلام فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واهلك أن الاهل عام لحقه خصوص متراخ بقوله انه ليس من اهلك والجواب أن البيان كان متصلا به بقوله
﴿إلا من سبق عليه القول﴾
وذلك هو ما سبق من وعد اهلاك الكفار وكان ابنه منهم ولان الاهل لم يكن متنا ولا للابن لأن أهل الرسل من اتبعهم وامن بهم فيكون أهل ديانة لأهل نسبه إلا أن نوحا عليه السلام قال فيما حكى عنه أن بنى من اهلى لانه كان دعاه إلى الإيمان فلما انزل الله تعالى لاية الكبرى حسن ظنه به وامتد نحوه رجاؤه فبنى عليه سؤاله فلما وضح امره اعرض عنه وسلم للعذاب وهذا سايغ في معاملات الرسل عليهم السلام بناء على العلم البشري إلى أن ينزل الوحى كما قال الله تعالى
﴿وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه﴾
واحتج بقوله تعالى
﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم﴾
ثم لحقه الخصوص بقوله
﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى﴾
متراخيا عن الأول وهذا الاستدلال باطل عندنا لان صدر الاية لم يكن متنا ولا لعيسى والملائكة عليهم السلام لان كلمة ما لذوات غير العقلاء لكنهم كانوا متعنتين فزاد في البيان اعراضا عن تعنتهم
Page 211