Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
لا يأمن الحافظ الزلل وإن جد حفظه وحسن ضبطه فالرجوع إلى كتب الأستاذ آية إتقانه لا جرح فيه ومن ذلك طعنهم بالتدليس وذلك أن تقول حدثني فلان عن فلان من غير أن يتصل الحديث بقوله حدثنا أو أخبرنا وسموه عنعنة لأن هذا يوهم شبهة الإرسال وحقيقته ليس بجرح على ما مر شبهته أولى ومن ذلك طعنهم بالتلبيس على من كنى عن الراوى ولم يسمه ولم ينسبه مثل قول سفيان الثوري حدثني أبو سعيد وهو يحتمل الثقة وغير الثقة ومثل قول محمد بن الحسن رحمه الله حدثني الثقة من أصحابنا من غير تفسير لأن الكناية عن الراوى لا بأس به صيانة عن الطعن فيه وصيانة للطاعن واختصار وليس كل من اتهم من وجه ما يسقط به كل حديثه مثل الكلبي وامثاله ومثل سفيان الثوري مع جلال قدره وتقدمه في العلم والورع وتسميته ثقة شهادة بعدالته فأنى يصير جرحا ووجه الكناية أن الرجل قد يطعن فيه بباطل فيحق صيانته وقد يروى عمن هو دونه في السن أو قرينه أو هو من أصحابه وذلك صحيح عند أهل الفقه وعلماء الشريعة وإن طال سنده فيكنى عنه صيانة عن الطعن بالباطل وإنما يصير هذا جرحا إذا استفسر فلم يفسر ومن ذلك ما لا يعد ذنبا في الشريعة مثل ما طعن الجاهل في محمد بن الحسن رحمه الله لأنه سأل عبد الله بن المبارك أن يقرأ عليه أحاديث سمعها فأبى فقيل له فيه فقال لا تعجبني أخلاقه لأن هذا إن صح فليس به بأس لأن أخلاق الفقهاء تخالف أخلاق الزهاد لأن هؤلاء أهل عزلة وأولئك أهل قدوة وقد يحسن في منزل القدوة ما يقبح في منزل العزلة وينعكس ذلك مرة وقد قال فيه عبد الله بن المبارك لا يزال في هذه الأمة من يحمي الله به دينهم ودنياهم فقيل له ومن ذلك اليوم فقال محمد بن الحسن الكوفى ومثال ذلك من طعن بركض الدابة مع أن ذلك من أسباب الجهاد كالسباق بالخيل والإقدام ومثل طعن بعضهم بالمزاح وهو أمر ورد الشرع به بعد أن يكون حقا لا باطلا إلا أن يكون أمرا يستفزه الخفة فيتخبط ولا يبالي ومن ذلك الطعن بالصغر وذلك لا يقدح بعد ثبت الاتقان عند التحمل والبلوغ والعدالة عند الرواية مع ما تقدم ذكره وذلك مثل حديث ثعلبة ابن صعير العذرى في صدقة الفطر أنها نصف صاع من حنطة ألا ترى أن رواية ابن عباس لصغره لم تسقط ولذلك قدمناه على حديث أبي سعيد الخدري في صدقة الفطر أنها صاع من حنطة لأنهما استويا في اتصال وهذا ثبت متنا من حديث أبي سعيد وقد انضاف إلى ذلك رواية ابن عباس أيضا ومن ذلك الطعن بأن من لم يحترف رواية الحديث لم يصح حديثه لأن العبرة لصحة الاتقان وهذا مثل طعن من طعن في أبي بكر صديق رضي الله عنه أنه لم يحترف الحديث وان كان قد فعله من هو دونه في المنزلة فكذلك في كل عصر إذا صح الإتقان سقطت العادة وقد قبل النبي عليه السلام خبر الأعرابي على رؤية الهلال ولم يكن اعتاد الرواية وقد يقع الطعن بسبب هو مجتهد مثل الطعن بالإرسال ومثل الطعن بالاستكثار من فروع مسائل الفقه فلا يقبل فأن وقع الطعن مفسرا بما هو فسق وجرح لكن الطاعن متهم بالعصبية والعداوة لم يسمع مثل طعن الملحدين في اهل السنة ومثل طعن من ينتحل مذهب الشافعي رحمه الله على بعض اصحابنا المتقدمين رحمة اللطه عليهم واما وجوه الطعن على الصحة فكثيرة قد تبلغ ثلاثين فصاعدا أو اربعين وقد ذكرنا بعضه فيما تقدم وهذا الكتاب لا يسعها ومن طلبها في مظانها وقف عليها إن شاء الله تعالى وهذه الحجج التي ذكرنا وجوهها من الكتاب والسنة لا تتعارض في انفسها وضعا ولا تتناقص لان ذلك من امارات العجز والحدث تعالى الله عن ذلك وانما يقع التعارض بينهما لجهلنا بالناسخ من المنسوخ فلا بد من بيان هذه الجملة والله أعلم وهذا & باب المعارضة
وإذا ثبت أن التعارض ليس بأصل كان الأصل في الباب طلب ما يدفع التعارض وإذا جاء العجز وجب إثبات حكم التعارض وهذا الفصل اربعة اقسام في الأصل وهو معرفة التعارض لغته و شرطه وركنه وحكمه شريعة إما معنى المعارضة لغة فالممانعة على سبيل المقابلة يقال عرض إلى كذا أي استقبلني بصد ومنع سميت الموانع عوارض وركن المعارضة تقابل الحجتين على السواء لا مزية لاحدهما في حكمين متضادين فركن كل شيء ما يقوم به واما الشرط فاتحاد المحل والوقت مع تضاد الحكم مثل التحليل والتحريم وذلك أن التضاد لا يقع في محلين لجواز اجتماعهما مثل النكاح يوجب الحل في محل والحرمة في غيره وكذلك في وقتين لجواز اجتماعهما في محل واحد في وقتين مثل حرمة الخمر بعد حلها وحكم المعارضة بين آيتين المصير إلى السنة وبين سنتين نوعان المصير إلى القياس واقوال الصحابة رضي الله عنهم على الترتيب في الحجج أن امكن لان الجهل بالناسخ يمنع العمل بهما وعند العجز يجب تقرير الاصول وإذا ثبت أن الأصل في وقوع المعارضة الجهل بالناسخ والمنسوخ
Page 200