اللذي النفعي، أو الغيري العام
Utilitarianism
أهل هذا المذهب يرون أن الفعل لا يكون حقا أو صالحا حتى يكون المقصود منه إعطاء أقصى ما يمكن البلوغ إليه من اللذة، أو السعادة لأكبر عدد من بني الإنسان، والعكس بالعكس.
وقد سمي بالنفعي؛ لأنه كان يرى أن الطبيعة الأدبية لأي فعل إنما تدرك بمنفعة هذا الفعل وفائدته في تحصيل اللذة أو السعادة، وقد كانت النفعية تعتبر مؤسسة على اللذية الذاتية؛ لأنهم قالوا إنه لما كان كل فرد يبحث عن لذته أو سعادته فسعادة الكل تصبح غرضا مشتركا بين الجميع ولكن لا يستلزم سعي الفرد للذته تحصيل لذة غيره. فقد يسعى أحدهم لتحصيل سعادة نفسه وليس له رغبة في سعادة غيره مطلقا .
وقد رأى بعض النفعيين في زماننا هذا فساد مبدئهم فعمدوا إلى القول بأن لذة الفرد ليست بالأمر الجوهري الذي يبحث عنه أو يرغب فيه، ولكن أصل مذهبهم وجوب السعي لتحصيل سعادة الناس جميعا؛ لأن العقل يأمر بذلك. ولكنهم لا يقولون لنا لماذا كانت أوامر العقل واجبة الاتباع، وعلى ذلك لا نزال نرى أن المبدأ العام الأساسي لكل من اللذي الفردي واللذي الغيري هو أن كل ما أحدث لذة حق.
وعلى هذا القول اعتراضات فقد قيل إنه إن صح هذا المبدأ: (1)
صح أنه لا يترك مجالا لأي فعل لا أثر فيه للمصلحة الذاتية ولا للغرائز الأصلية. (2)
وصح أن الأفعال الصادرة بدواعي المصلحة الذاتية أحق من الأفعال اللامصلحية، إذ ما دمنا نستمد لذة من الثناء والجزاء فخير لنا أن نفعل ما نفعل حبا في الثناء وفي الجزاء لا رغبة في أن نفعل ما نراه حقا؛ لأننا في الحالة الأولى نحصل لذة الجزاء وهذه اللذة إضافية. (3)
وصح أن دستور الحق والباطل لا يكون ثابتا؛ لأنه يختلف بالضرورة إذ ذاك باختلاف الأشخاص تبعا لنوع الأفعال متى يرون فيها أكثر اللذة لأنفسهم.
تلك هي جل الاعتراضات التي يقيمونها على المذهبين السابقين، ولكن أربابهما يدفعونها بقولهم: (1)
Unknown page