Ustura Wa Turath

Sayyid Qimni d. 1443 AH
178

Ustura Wa Turath

الأسطورة والتراث

Genres

من الآخرين، وأشدهم إلحافا ودأبا لكشف ما تصوروه إفكا أعانه عليه آخرون من العارفين بأحوال الغابرين، وأكثر هؤلاء بروزا في كتب الأخبار الإسلامية: «النضر بن الحارث» و«أبي بن خلف»، و«عقبة بن أبي معيط»، الذين أسر النبي منهم اثنين في بدر الكبرى، وتم قتلهما صبرا

36

جزاء ما قدمت أيديهما إبان كان الإسلام مهيضا، يسعى على مدارج بدايته ضعيفا في مكة.

وكان سؤال أولئك المثقفين - فيما رواه جلال الدين السيوطي في أسباب النزول - «عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وما كان نبؤه؟ ... فقال: أخبركم غدا بما سألتم عنه ... ومكث رسول الله لا يحدث الله في ذلك إليه وحيا، ولا يأتيه جبريل، حتى أرجف أهل مكة ... ثم جاء جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف.»

37

وتروي لنا سورة الكهف الرد الإلهي بشأن «ذي القرنين»، عبر آيات تمتد ما بين الآية 83 والآية 99، وتبدأ بقوله تعالى:

ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا (الكهف: 83)، ويشرح ابن كثير «قل سأتلو عليكم منه ذكرا ... أي خبرا نافعا كافيا في تعريف أمره وشرح حاله.»

38

ورغم هذا الخبر النافع الكافي الشارح، الذي أوضحه رب العالمين، فقد كان واضحا في كتبنا التراثية أن أمر «ذي القرنين» أمسى من أشد الأمور - التي وردت في كتاب الله - التباسا وغموضا، في كثير من القسمات والتفاصيل، بحيث لم تعرف هذه الكتب من تاريخ أو سير أو تفسير، شخصية تراثية اختلف حول أمرها، قدر الاختلاف حول «ذي القرنين»، اختلفوا حول اسمه، وحول سر تلقيبه بذي القرنين، وحول موطنه وأصله العرقي، وهل كان ملكا من ملوك الأمم السالفة أم كان رسولا نبيا؟ أم لا هذا ولا ذاك؟

من هو؟

Unknown page